قوله:
«فهذا هو مثل تصورات عامة المسلمين في ظهور الإمام المهدي، ولكن الذي أفهمه في أمره -هو أنّ الحقيقة على عكس ذلك كله، فالذي أقدّره وأتصوره أنّ الإمام المنتظر سيكون زعيماً من الطراز الأحدث في زمانه، بصيراً بالعلوم الجديدة، بصر المجتهد المطلع، ويكون جيد الفهم لمسائل الحياة، ويبرهن للعالمين رجاحة عقله وفكره، وبراعة تفكيره السياسي وكمال حذقه لفنون الحرب، ويبز كل أبناء زمانه الجدد في تقدمه وارتقائه ... » إلى قوله:
«والمهدي سيسير على أسس الإسلام الخالص، ويقلب عقلية الناس، ويبعث حركة قوة، تكون ثقافية وسياسية ... ، ولكنه سيوفق آخر الأمر للقضاء على سلطة الجاهلية، ويشيد دولة إسلامية موطدة الدعائم، تجري في هيكلها روح الإسلام الخالصة، ويبلغ رقيها في العلوم التجريبية والطبيعية ذروة الكمال» .
قال أبو عبيدة: واقع المسلمين اليوم يحتاج إلى علم شرعي صحيح، وعمل خالص نافع، ويحتاج إلى قادة دعاة يحسنون معرفة واجب الوقت، ويشغلون الناس به، ويصلون من خلال ما يستطيعون إلى ما لا يستطيعون، ويبقى الخير يتّسع -بتوفيق الله- أمامهم، حتى يكافئهم ربُّهم -عز وجل- بنصر من عنده.
أما أن نكون قدريين، أو غير واقعيين، أو نتصرف بمعزل عن واجب الوقت، معتمدين على أخبار آخر الزمان، فهذا من عجائب هذا الزمان، وهو من نفخ الشيطان في الآذان، ولم يعرفه المسلمون الأوائل، فلما -مثلاً- أُنبئوا بفتح البلدان، لم يقل واحد منهم -مثل محمد الفاتح السلطان-: إن فتح القسطنطينية ليس وقتها الآن، بل امتثل ما أوجبه الله عليه، فرزقه الله الفتح المبين، الذي كان -وما زال- مفخرة للمسلمين.