دعاةَ الفتنةِ وأوصافَهم، وما سيطرأ من أثر لهم في المجتمع من الداخل، وكذلك ما سيكون بين المسلمين وأعدائهم من الروم وغيرهم من الملاحم من الخارج، وبالغ صلى الله عليه وسلم جدّاً في التحذير من الدجال وبيان صفاته وسبل الوقاية منه.
ولذا كان من الضوابط العلمية في التعامل مع الفتنة -ما قدمناه- من عدم تطبيقها على الواقع الحاضر؛ بمعنى: أن لا نكون قدريين في فهمها، وانتظار حلولها؛ ذلك أن الله -تعالى- أراد منا، وأراد بنا، فالسعيد من انشغل بماذا أراد الله منه، وحذر أن يراد به ما لا يرضاه ولا يحبه، والمخذول من انشغل بماذا أراد الله به عن الذي أراده منه.
وأبرز مثال يذكر على هذا: (المهدي) -عليه السلام-، فالناس السذج يتصورون أن معه قوة خارقة، وعصاً سحريةً بواسطتها تتغير الأمور، ويقود العالم، وينشر الإسلام، ولا شك أنه -عليه السلام- مُؤيَّد من الله -عز وجل-، ولكنه يأخذ بالأسباب بحنكة وعلم ومعرفة لما يلزم، ويهديه الله إليها، ومن خلال ذلك تقع البركة على يديه.
وكشف عن ذلك شيخنا الألباني -رحمه الله تعالى- في كثير من مجالسه وكتبه، وأقتصر على نقلين عنه -رحمه الله- يوضِّحان المراد:
قال في «سلسلة الأحاديث الصحيحة» (4/42-43) :
«واعلم -يا أخي المسلم- أنّ كثيراً من المسلمين اليوم قد انحرفوا عن الصواب في هذا الموضوع؛ فمنهم من استقر في نفسه أنّ دولة الإسلام لن تقوم إلا بخروج المهدي! وهذه خرافة وضلالة ألقاها الشيطان في قلوب كثير من العامة، وبخاصة الصوفية منهم، وليس في شيء من أحاديث المهدي ما يشعر بذلك مطلقاً، بل هي كلها لا تخرج عن أنّ النبي صلى الله عليه وسلم بشر المسلمين برجل من أهل بيته، ووصفه بصفات بارزة أهمها أنه يحكم بالإسلام وينشر