الأرض، لأنه لو كان فيها خراج لذكره في هذا الحديث! فإن قال: قد ذكر الخراج في الحديث الذي قدمناه آنفاً. قيل له: وقد ذكر العشر ونصف العشر في الحديث الذي ذكر آنفاً. فإن قال قائل: ما تقولون في خطاب ورد من الله -تعالى- أو رسوله صلى الله عليه وسلم معلقاً بشرط؟ قيل له: ينظر، أتقدّمَتْ ذلكَ الخطابَ جملةٌ حاظرةٌ لما أباح ذلك الخِطاب، أو مبيحة لما حظر، أم لم يتقدمه جملة بشيء من ذلك، لكن تقدمته جملة تعمه وتعمّ معه غيره موافقة لما في ذلك النص؟ ولا بد من أحد هذه الوجوه؛ لأن الجملة التي نص عليها بقوله ... -تعالى-: {خَلَقَ لَكُم مَا فِي الأرض جَميعاً} [البقرة: 29] مبيحة عامة، لا يشذ عنها إلا ما نص عليه وفصل بالتحريم، فلا سبيل إلى خروج شيء من النصوص عن هذه الجملة، ولا بد لكل نص ورد من أن يكون مذكوراً فيه بعض ما فيها بموافقة أو يكون مستثنى منها بتحريم، فإن وجدنا النص الوارد -وقد تقدمته جملة مخالفة له- استثنيناه منها، وتركنا سائر تلك الجملة على حالها، ولم نحظر إلا ما حظر ذلك النص فقط، ولم نُبِحْ إلا ما أباح فقط، ولم نتعدَّه، وإن وجدناه موافقاً لجملة تقدمته أبحنا ما أباح ذلك الخطاب، وأبحنا -أيضاً- ما أباحته الجملة الشاملة له ولغيره معه، أو حظرنا ما حظره ذلك الخطاب، وحظرنا -أيضاً- ما حظرته الجملة الشاملة له ولغيره معه، ولم نسقط من أجل ذلك الشرط شيئاً مما هو مذكور في الجملة الشاملة له ولغيره، وهذا هو مفهوم الكلام في الطبائع في كل لغة من لغات بني آدم -عربهم وعجمهم-، ولا يجوز غير ذلك» .
ورد البيهقي استدلالهم به، بقوله: «ولا حجة لهم فيه؛ لأن القفيز ظاهره المكيال، وإن كان يتناول الدينار، والعدول عن الظاهر بلا حجة محال، وإنما المراد به -والله أعلم- الحقوق التي تجب في مال المسلم من العشر، وسائر الزكوات، وتفسير هذا الحديث ... » وأسند ما سقناه من حديث جابر (?) :