النفوس والأبدان في تواريخ الزمان» (?) قال تحت (فصل: فيما وقع من الحوادث في السنة الثالثة بعد الثمان مئة) مفصلاً ما وقع ببلاد المسلمين آنذاك من قبل (تيمورلنك) ، أسوقه على طوله، وهو لا يَقِلُّ عما أوردناه سابقاً من أمر (التتار) ، وفي عباراته تألمّ وتوجّع واستشهاد بأشعار، وبعرضه على ما سمعنا ورأينا في بعض ديار المسلمين، نقول: (التاريخ يعيد نفسه) ! ولا قوة إلاّ بالله، وإليه المشتكى.
وهذا نص كلامه، مقتصراً على ما وقع بالمسلمين في اختلاف أمصارهم، قال:
«وفي يوم الإثنين التاسع منه، حضر طغيتمر مقدم البريدية من الشام، وأخبر بأنّ تمرلنك قد أخذ سِيواسَ في آخِر السَّنةِ الماضِية، وأنّه قاصدٌ مملكة الشَّام، وكان تمرلنك قد جاء على سيواس من ناحية تبريز وأقامَ عليها وحاصَرها أشدَّ المحاصرة، وأذاقَ أهلها أشد العذاب، وفيها نائبٌ من جهة ابن عثمان يُسمَّى: أمير مصطفى، ومعه من العساكر ما يزيدُ على عشْرةِ آلاف نفر، ولم يُفد هؤلاء شيئاً، فآخر الأمر مُسِك نائبُها، واستَوْلى تمرلنك عليها، وقتل من أهلها ما ينوفُ على ثلاثة آلاف نفْس، وأخرب أسوارها، وحرقَ بقاعها، وأزالَ بهجَتها، وبدَّد جمعها، وفرَّق شملها، وأفسدَ عسْكَرُه فيها مفاسد عظيمةً، من نهبِ الأموالِ، وسفْكِ الدماء، وسبي الحريم، وأسر الأطفال، فأقاموا عليها نحوَ شهر أو فوقه وهم يفسدون، وفي أرجائها يعيثون.
ثم رحلوا منها وجاءوا على لارندة والبلستين، وأفسدوا فيها فساداً لا يُعدُّ ولا يُحْصَى.
ثم توجهوا إلى مَلْطية، ودخلوا فيها وأفسدوا فيها وعتَوْا عُتُوّاً كبيراً، بعد أن أقاموا عليها فوق عشرة أيام.