وقال الجلال السيوطي في «تاريخ الخلفاء» (?) في الكلام على خلافة المستعصم بالله آخر خلفاء العباسيين:
«أرضُ التتار بأطراف بلاد الصين، وهم سكان براري، ومشهورون بالشَّر والغدر، وسببُ ظهورهم أنّ إقليم الصين متسع، دَورُه ستةُ أشهر، وهو ستُّ ممالك، ولهم ملك حاكم على الممالك الست، هو القان الأكبر المقيم بطمغاج، وهو كالخليفة للمسلمين، وكان سلطانُ إحدى الممالِك السِّت -وهو دوش خان- قد تزوجَ بعمَّةِ جنكيز خان، فحضر زائراً لعمته، وقد مات زوجُها، وكان قد حضر مع جنكيز خان كشلوخان، فأعلمَتْهُما أن الملك لم يخلف ولداً، وأشارت على ابن أخيها أن يقوم مقامه، فقام وانضمَّ إليه خلقٌ من المغول، ثم سير التقادم إلى القان الأكبر، فاستشاط غيظاً، وأمر بقطْعِ أذناب الخيل التي أهدِيَتْ، وطردها، وقتْل الرسل؛ لكون التتار لم يتقدَّمْ لهم سابقةٌ بتملُّك، إنما هم بادية الصين، فلما سمع جنكيز خان وصاحبُه كشلوخان تحالفا على التعاضد، وأظهرا الخلاف للقان، وأتَتْهُما أممٌ كثيرة منَ التتار، وعلمَ القانُ قوَّتَهم وشرَّهم، فأرسل يؤانِسُهُم ويُظْهِرُ مع ذلك أنه ينذرُهُم ويهدِّدُهم، فلمْ يُغْن ذلك شيئاً، ثم قَصَدَهُم وقصدوه، فوقع بينهم ملحمةٌ عظيمةٌ، فكَسرُوا القانَ الأعظَم وملكوا بلاده، واستَفْحَل شرُّهم، واستمر المُلْك بين جنكيز خان وكشلوخان على المشاركة.
ثم سارا إلى بلاد شاقون (?) من نواحي الصين فمَلَكَاها، فمات كشلوخان، فقام مقامه ولده، فاستضعفه جنكيز خان، فوثب عليه وظفر به، واستقلَّ جنكيزُ خان، ودانَتْ له التتارُ، وانقادتْ له، واعتقدوا فيه الألوهية، وبالغوا في طاعته.