قنطورا (?)
اسم أبي الترك، وقيل: اسم جارية كانت للخليل -عليه الصلاة والسلام-، ولدت له أولاداً، جاء من نسلهم الترك وفيه نظر؛ فإن الترك من أولاد يافث بن نوح، وهو قبل الخليل بكثير. كذا ذكره بعضهم، ويمكن دفعه بأن الجارية كانت من أولاد يافث، أو المراد بالجارية بنت منسوبة للخليل؛ لكونها من بنات أولاده وقد تزوجها واحد من أولاد يافث، فأتت بأبي هذا الجيل، فيرتفع الإشكال بهذا القال والقيل، ويصح انتسابهم إلى يافث والخليل «عراض الوجوه» ، بدل أو عطف بيان، وكذا قوله: «صغار الأعين حتى ينزلوا على شط النهر فيتفرق أهلها ثلاث فرق» -بكسر ففتح: جمع فرقة-، (فرقةٌ) -بالرفع ويجوز نصبها- «يأخذون في أذناب البقر» ؛ من أخذ في الشيء: شرع فيه، وقوله: «في البرية» تتميم وتذييل؛ لأن أخذ أذناب البقر لا يكون غالباً إلا في البرية الخارجة عن المدينة التي يعبر عنها بالبحرية، ومنه قوله -تعالى-: {ظهر الفساد في البر والبحر} ، أو المراد بقوله: «في البرية» : اختيار العزلة، وإيثار الصحراء والخلاء على البلد، واجتماع الملأ، فعلى الأول: صفة أو حال، وعلى الثاني: بدل كل أو بعض، ويمكن أن تكون «في» تعليلية، وقوله: «وهلكوا» فذلك نتيجة لأفعالهم، والمعنى: أن فرقة يُعرِضُون عن المقاتلة هرباً منها وطلباً لخلاص أنفسهم، ومواشيهم، ويحملون على البقر فيهيمون في البوادي، ويهلكون فيها أو يعرضون عن المقاتلة، ويشتغلون بالزراعة ويتبعون البقر للحراثة إلى البلاد الشاسعة، فيهلكون. قال الطيبي -رحمه الله-: قوله: «يأخذون في أذناب البقر» ، على معنى يوقعون الأخذ في الأذناب؛ كقوله:
بجرح في عراقيبها نصلى
وكأنهم يبالغون في الاشتغال ولا يعبئون بأمر آخر، أو يوغلون في السير خلفها إلى البلاد الشاسعة فيهلكون فيها، «وفرقة يأخذون» ؛ أي: يطلبون أو