بأولاده ونسائِه وجواريه، فيُذهَبُ به إلى مقبرة الخلاّل، تُجاهَ المَنْظَرَة، فيُذبح كما تُذبح الشاةُ، ويُؤسَرُ من يختارون من بناته وجواريه.

وقُتل شيخُ الشيوخ مؤدب الخليفة صدر الدين علي بن النَّيَّار، وقُتل الخطباء والأئمة، وحملة القرآن، وتعطّلت المساجدُ والجماعات والجُمُعات مدة شهور ببغداد، وأراد الوزيرُ ابن العلقمي -قبحه الله ولعنه- أن يُعطل المساجد والجوامع والمدارس والرُّبُطَ ببغداد، ويستمرَّ بالمشاهدِ ومحالِّ الرفض، وأن يبنيَ للرافضة مدرسةً هائلة ينشرون علمهم وعَلَمَهم بها وعليها، فلم يُقْدِرْه الله -تعالى- على ذلك، بل أزال نعمته عنه، وقصف عمره بعد شهور يسيرة من هذه الحادثة، وأتبعه بولده فاجتمعا -والله أعلم- في الدرك الأسفل من النار.

ولما انقضى أمدُ الأمر المقدور، وانقضت الأربعون يوماً بقيت بغداد خاوية على عروشها، ليس بها أحد إلا الشاذ من الناس، والقتلى في الطرقات كأنها التلول، وقد سقط عليهم المطر، فتغيرت صورهم، وأنتنتِ البلدُ من جيفهم، وتغير الهواء، فحصل بسببه الوباء الشديد، حتى تعدّى وسرَى في الهواء إلى بلاد الشام، فمات خلقٌ كثير من تغير الجو وفساد الريح، فاجتمع على الناس الغلاءُ والوباء والفناء والطعن والطاعون، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

ولما نُودي ببغداد بالأمان خرج من كان تحت الأرض بالمطامير والقُنِيِّ والمغاير كأنهم الموتى إذا نبشوا من القبور، وقد أنكر بعضُهم بعضاً، فلا يعرف الوالدُ ولدَه ولا الأخُ أخاه، وأخذهم الوباء الشديد، فتفانوا ولحقوا بمن سلف من القتلى، واجتمعوا في البِلَى تحت الثرى، بأمر الذي يعلم السر وأخفى، الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى.

وكان رحيل السلطان المُسَلَّطِ هولاكوقان عن بغداد في جمادى الأولى من هذه السنة إلى مقر ملكه، وفوَّض أمر بغداد إلى الأمير علي بَهادُر، فوّض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015