قال معاذ في الحديث الآخر: هم أهل الشام. رواه الطبري وقال: هم ببيت المقدس. وقال أبو بكر الطرطوشي في رسالة بعث بها إلى أقصى المغرب، بعد أن أورد حديثاً في هذا المعنى قال -والله تعالى أعلم-: هل أرادكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أراد بذلك جملةَ أهل المغرب؛ لما هم عليه من التمسُّك بالسُّنَّة والجماعة، وطهارتهم من البِدَع والإحداث في الدين، والاقتفاء لآثار من مضى من السلف الصالح؟ والله -تعالى- أعلم» (?) .
وساق السيوطي رواية عبد بن حميد وبقي بن مخلد، وزاد رواية للدارقطني بلفظ: «في الغرب» ، وقال:
«قلت: لا يبعد أن يراد بالمغرب «مصر» فإنها معدودة في الخط الغربي بالاتفاق، وقد روى الطبراني والحاكمُ وصححه عن عمرو بن الحمق، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تكون فتنة، أسلم الناس فيها الجند الغربي» . قال ابنُ الحمق: «فلذلك قدمت عليكم مصر» . وأخرجه محمد بن الربيع الجيزي في «مسند الصحابة الذين دخلوا مصر» ، وزاد فيه: «وأنتم الجند الغربي» . فهذه منقبة لمصر في صدر الملة، واستمرت قليلة الفتن معافاةً طول الملة، لم يعترها ما اعترى غيرها من الأقطار، وما زالت معدن العلم والدين، ثم صارت في آخر الأمر دار الخلافة ومحط الرحال، ولا بلد الآن في سائر الأقطار بعد مكة والمدينة يظهر فيها من شعائر الدين ما هو ظاهر في مصر» (?) .
قال أبو عبيدة: حفظ الله مصرَ وأهلَها المتَّقين إلى يوم الدين، ولا شك