وأبواب (الفتن) و (الملاحم) التي أخبر عنها صلى الله عليه وسلم في أحاديث أشراط الساعة، وما كان وما يكون منها، لا تزال تنتظر باحثاً عالي الهمّة، دقيق النظر، ثاقب الفهم، راسخ القدم في العلوم الدينية بعامة، والحديثية: رواية ودراية بخاصة، عالي الكعب في التاريخ، واسع الاطلاع على أحداثه ومجرياته، صبوراً دؤوباً في البحث والتنقيب والتمحيص، سليم العقيدة، حسن القصد؛ فإنها من أدق العلوم، وأوسعها بحثاً، وأكثرها تداخلاً.
وقد قام مجموعة من علمائنا -رحمهم الله- بواجبهم تجاه هذا الموضوع فيما مضى، وأخذ المتأخرون شروحهم وكلامهم على الأحاديث، وكأن عجلة الزمن توقفت، وتعاملوا مع أحاديث الفتن بمعزل عما يعصف من (أمواج) بالأمة.
والملاحظ بقوّة ضعف الدراسات الحديثة الجادّة حول هذا الموضوع، ولعل هذا من مظاهر اشتداد الفتن، وزاد الطين بلّة خوض بعض الذين لا علم عندهم، ولا دين لهم (?) في هذا الموضوع، وظهر ذلك على شكل دراسات ذات عناوين برّاقة (?) ، ومظاهر خلاّبة! هاجت على الأمة حديثاً بسبب ما وقع أخيراً في (العراق) من اجتياحها الأول للكويت، وما تبعه من حصار، وحروب بعد ذلك في عصرنا الحالي.
وكثير من هذه الدراسات فيها (ركض) وراء الأحداث، وعجلة في إسقاط الأحاديث والآثار والنقول، وفوضى في الاستدلال، وخروج عن منهج العلماء في المعالجة، بل زج بعض أصحابها نفسه في مضايق، ظهر من