ربيعة العنزي حدثه أنه حج مرة في إمرة معاوية، ومعه المنتصر بن الحارث الضبي، في عصابة من قراء أهل البصرة، قال: فلما قضوا أنسكهم قالوا: والله لا نرجع إلى البصرة حتى نلقى رجلاً من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم مرضيّاً يحدثنا بحديث يستظرف، نحدِّثُ به أصحابنا إذا رجعنا إليهم، قال: فلم نزل نسأل حتى حُدِّثنا أن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- نازلٌ بأسفلِ مكةَ، فعمدنا إليه، فإذا نحنُ بثَقَل عظيم يرتحلون ثلاث مئة راحلة، منها مئة راحلة ومئتا زاملة، فقلنا لمن هذا الثَّقَل؟ قالوا: لعبد الله بن عمرو، فقلنا: أكل هذا له، وكنا نُحدَّث أنه من أشد الناس تواضعاً، قال: فقالوا: ممن أنتم؟ فقلنا: من أهل العراق، قال: فقالوا: العيبُ منكم حق يا أهل العراق، أما هذه المئة راحلة فلإخوانه، يحملهم عليها، وأما المئتا زاملة فلمن نزل عليه من الناس، قال: فقلنا: دُلُّونا عليه، فقالوا: إنه في المسجد الحرام، قال: فانطلقنا نطلبه حتى وجدناه في دير الكعبة جالساً، فإذا هو قصير أرمص أصلع، بين بردين وعمامة، ليس عليه قميص، قد علق نعليه في شماله، فقلنا: يا عبد الله! إنك رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فحدثنا حديثاً ينفعنا الله -تعالى- به بعد اليوم. قال: فقال لنا: ومن أنتم؟ قال: فقلنا له لا تسأل من نحن، حدثنا غَفَر الله لك. قال: فقال: ما أنا بمحدثكم شيئاً حتى تخبروني من أنتم. قلنا: وددنا أنك لم تَنْقُدْنا وأعفيتنا وحدثتنا بعض الذي نسألك عنه. قال: فقال: والله لا أحدثكم حتى تخبروني من أي الأمصار أنتم.
قال: فلما رأيناه حلف ولَجّ، قلنا: فإنا أناسٌ من العراق. قال: فقال: أفٍّ لكم كلِّكُم يا أهل العراق، إنكم تكْذِبون وتكَذِّبون وتسخرون. قال: فلما بلغ إلى السِّخْرِيّ؛ وجدنا من ذلك وجداً شديداً. قال: فقلنا: معاذ الله أن نسخر من مثلك، أما قولك الكذب؛ فوالله لقد فشا في الناس الكذبُ وفينا، وأما التكذيب؛ فوالله إنا لنسمعُ الحديثَ لم نسمعْ به من أحدٍ نثق به، فإذاً نكادُ نكذِّبُ به، وأما قولك السّخريّ؛ فإنّ أحداً لا يسخر بمثلك من المسلمين، فوالله إنك اليوم لسيد المسلمين فيما نعلم نحن أنك من المهاجرين الأولين، ولقد بلغَنا أنك قرأْتَ القرآن على محمد