قال: «وعدتم من حيث بدأتم» ؛ أي: رجعتم إلى ما كنتم عليه قبل ذلك. كما ثبت في «صحيح مسلم» (?) : «إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً، فطوبى للغرباء» » ، قال:

«ويؤيد هذا القول؛ ما رواه الإمام أحمد ... » وأورد قول جابر، ثم عطف على ذكر لفظ مسلم في «صحيحه» ، وفيه قولة جابر مع ما رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم (?) ، وقال: «والعجب أن الحافظ أبا بكر البيهقي احتجّ به على ما رجّحه من أحد القولين المتقدمين، وفيما سلكه نظر، والظاهر خلافه» (?) .

قال أبو عبيدة: وما رجحه ابن كثير غير دقيق (?) ؛ إذ (المنع) فيه معنى (الغلبة) ، ويدل عليه قول جابر هذا، وقد أحسن النووي لما قال:

«إن معناه -أي: المنع-: أن العجم والروم يستولون على البلاد في آخر الزمان، فيمنعون حصول ذلك للمسلمين» .

ولي هنا ملاحظات مهمات:

الأولى: في الحديث الذي معنا: «منعت العراق ... » وفي قول جابر: «يوشك أهل العراق أن لا يجبى إليهم قفيز ولا درهم» وكذا أهل الشام، وليس في هذا استيلاء عسكري على البلاد، وإنما في (منع أهل العراق) خيرات بلادهم؛ بحيث لا يتوسعون فيها على الرغم من كثرة الخيرات، وخصوبة الأرض، ووجود المقوّمات الاعتيادية لتحصيل ذلك، فقول النووي -رحمه الله تعالى-: «يستولون على البلاد في آخر الزمان» لازمٌ لهذه الألفاظ المتصوّرة في زمانه، والجامع بين (أشراط الساعة) عدم وجودها في زمن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015