ولما كانتا عنده صلى الله عليه وسلم كائنتين لا محالةَ؛ وقَّت لأهلها المواقيتَ لحجّهم، إذ كان لا بدَّ لهم من ذلك، كما وقّت لمن سواهم من أهل البلدان التي قد كانت قبل ذلك. وهذا الذي ذكرناه في هذه المواقيتِ قولُ أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد فيما حدثنا سليمان، عن أبيه، عن محمد» .
فالذي يُهِمُّنا من الكلام السابق قول الأخير: «ما سيفعله أهل العراق من منع الزكاة ... وذكر مثل ذلك في أهل الشام وأهل مصر» ، وقول الأول: «قد علم صلى الله عليه وسلم أن الصحابة يفتتحون تلك البلاد» . وسيأتي بيان ما فيه، والله الهادي والموفق.
وبوَّب عليه البيهقي في «الدلائل» (6/317) بقوله: « (باب: قول الله -عز وجل-: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ من بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55] ) .
ثم وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَّتَه بالفتوح التي تكون بعده، وتصديق الله -عز وجل- وعده» .
ووضعه في «السنن الكبرى» في (كتاب السير) ، وبوَّب عليه (باب قدْر الخراج الذي وضع على السواد) .
وبوب عليه أبو محمد البغوي في «شرح السنة» (11/175) (باب سقوط الجزية عن الذمي إذا أسلم) .
وبوب عليه أبو عبيد (باب أرض العنوة تقرُّ في أيدي أهلها، ويوضع عليها الطّسق؛ وهو: الخراج) . وبوب عليه الساعاتي في «الفتح الرباني بترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني» (24/36-37) : (ومن الفتن منع أهل الذمة أداء الجزية) .