يحصل منه نوع من الاجتهاد مقروناً بالظن، ونوع من الهوى الخفي، فيحصل بسبب ذلك ما لا ينبغي اتباعه فيه، وإن كان من أولياء الله المتقين.
ومثل هذا إذا وقع يصير فتنة لطائفتين: طائفة تعظمه فتزيد تصويب ذلك الفعل واتباعه عليه، وطائفة تذمه فتجعل ذلك قادحاً في ولايته وتقواه، بل في بره وكونه من أهل الجنة، بل في إيمانه حتى تخرجه عن الإيمان، وكلا هذين الطرفين فاسد.
والخوارج والروافض وغيرهم من ذوي الأهواء دخل عليهم الداخل من هذا، ومن سلك طريق الاعتدال عظم من يستحق التعظيم، وأحبه ووالاه، وأعطى الحق حقه، فيعظم الحق، ويرحم الخلق، ويعلم أن الرجل الواحد تكون له حسنات وسيئات، فيحمد ويذم، ويثاب ويعاقب، ويحب من وجه ويبغض من وجه.
هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، خلافاً للخوارج والمعتزلة ومن وافقهم» (?) .
ثم ذكر مجموعة من (الفتن) من هذا النوع، قال بعد كلام:
«وعامة الخلفاء الملوك جرى في أوقاتهم فتن، كما جرى في زمن يزيد ابن معاوية قتل الحسين، ووقعة الحرّة، وحصار ابن الزبير بمكة، وجرى في زمن مروان بن الحكم فتنة مرج راهط بينه وبين النعمان بن بشير، وجرى في زمن عبد الملك فتنة مصعب بن الزبير وأخيه عبد الله بن الزبير، وحصاره ... -أيضاً- بمكة، وجرى في زمن هشام فتنة زيد بن علي، وجرى في زمن مروان ابن محمد فتنة أبي مسلم، حتى خرج عنهم الأمر إلى ولد العباس.
ثم كان في زمن المنصور فتنة محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين