المؤمن بالله وحده الكافر بالطاغوت عند إقراره بوحدانية الله وتبرئه من الأنداد والأوثان التي تعبد من دون الله. (عَلِيمٌ) بما عزم عليه من توحيد الله وإخلاص ربوبيته قلبه وما انطوى عليه -من البراءة من الآلهة والأصنام والطواغيت- ضميره، وبغير ذلك مما أخفته نفس كل أحد من خلفه لا ينكتم عنه سر ولا يخفى عليه أمر، حتى يجازى كلاً يوم القيامة بما نطق به لسانه وأضمرته نفسه إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً اهـ.

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: واعلم أن الإنسان ما يصير مؤمناً بالله إلا بالكفر بالطاغوت والدليل قوله -تعالى-: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ).

الرشد: دين محمد، صلى الله عليه وسلم، والغي: دين أبي جهل. والعروة الوثقى: شهادة أن لا إله إلا الله وهي متضمنة للنفي والإثبات تنفي جميع أنواع العبادة من غير الله وتثبت جميع أنواع العبادة كلها لله وحده لا شريك له (?) اهـ.

قلت: انظر رحمك الله -تعالى- إلى هذه الآية ما أحكم معناها، وقوة بيانها. إذ أنها توقف الاستمساك بالعروة الوثقى التي هي الإسلام باتفاق المفسرين على شرط -كما قاله: القرطبي والشنقيطي ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهم- وهو: الكفر بالطاغوت والإيمان بالله وحده ومن المعلوم أن فقدان الشرط ينفي مشروطه. فالإسلام لا بد فيه من: الكفر والبراءة والجحد وخلع كل ما يعبد من دون الله وإفراد الله بالتأله وحده لا شريك له، وإلا انفصمت العروة الوثقى في يد مدعيها. لأن الإيمان بالله، والإيمان بالطاغوت متضادان لا يجتمعان ولا يرتفعان، فلا يجتمع في قلب عبد الإيمان بالله والإيمان بالطاغوت، لأنه أيما حل واحد منهما في قلب امرئ طرد الآخر. فإما إيمان بالله وحده. وإما إيمان بالطاغوت أياً كان نوعه. فمن المحال أن يقال: فلان هذا من شيعة الرحمن ومن شيعة الطاغوت، أو فلان هذا موحد مشرك أو مسلم كافر. فهذا هو الإسلام الذي أمّرنا أن نبلغه للناس وأن لا نرفع السيف عنهم حتى يقروا ويدينوا به، فمن شك أو توقف لم يحرم دمه وماله.

ويبقى سؤال أريد من أخي القارئ الإجابة عليه وهو من لم يخلع الأنداد أو الأوثان أو عبادة الطواغيت أو ارتضى طاغوتاً يسوس العباد ويحكم فيها بما شاء من تشريعات وأحكام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015