قطب رحى الخلق، والأمر الذي مدارهما عليه. ولا سبيل إلى الدخول إلى ذلك إلا من باب العلم فإن محبة الشيء فرع عن الشعور به ..

ولا بعثت الرسل وأنزلت الكتب إلا بالعلم ولا عُبد الله وحده وأُثنى عليه ومجد إلا بالعلم، ولا عرف الحلال من الحرام إلا بالعلم، ولا عرف فضل الإسلام على غيره إلا بالعلم (?) اهـ.

وقال أيضاً: ولكن الأمر كما قال عمر بن الخطاب: "إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية". وهذا لأنه إذا لم يعرف الجاهلية والشرك، وما عابه القرآن وذمه وقع فيه وأقره ودعا إليه وصوبه وحسنه وهو لا يعرف: أنه الذي كان عليه أهل الجاهلية أو نظيره أو شر منهم أو دونه. فينقض بذلك عرى الإسلام عن قلبه. ويعود المعروف: منكراً، والمنكر: معروفاً، والبدعة: سنة، والسنة: بدعة، ويكفّر الرجل: بمحض الإيمان، وتجريد التوحيد، ويبدع: بتجريد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ومفارقة الأهواء والبدع (?) اهـ.

قلت: هذا كلام -بفضل الله- خبير بالشريعة ومقاصدها فكيف يتوب من الشرك من لا يعرفه ولا يعلم قبحه؟! وكيف يعبد الله من لا يعرف حد العبادة والتوحيد والطاعة له وحده لا شريك له؟! وهذا كما قال الشيخ -رحمه الله تعالى-: وما عبد الله وحده وأثنى عليه ومجد إلا بالعلم.

نخلص من هاتين الآيتين السابقتين: أن القتل والقتال يرفع عن رؤوس المشركين ويخلي سبيلهم ساعة توبتهم وبراءتهم وانخلاعهم من الشرك والتزام التوحيد.

المبحث الثاني: الكفر بالطاغوت شرط في الإيمان بالله وحده:

الآية الثالثة: قوله -تعالى-: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 256].

قال القرطبي: يقول -تعالى-: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ). جزم بالشرط. والطاغوت مؤنثه من طغى يطغى -وحكى الطبري- يطغو إذا جاوز الحد بزيادة عليه .. (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ). جواب الشرط .. فقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015