وأن الشرك قبل الرسالة: مذموم معيب منقوص أصحابه، وأنهم على خطر عظيم وعلى شفا حفرة من النيران لأنه ظلم عظيم وسبب للعذاب، غير أنه موقوف على شرط آخر وهو: الحجة الرسالية -وهذا من فضل الله ورحمته بعباده-.

أي: أن القوم قبل البعثة وإقامة الحجة، معذورون في أحكام، وغير معذورين في أحكام أخرى.

معذورون في أنهم لا يعذبون في الدنيا والآخرة، حتى تقام عليهم الحجة الرسالية -وهذا من رحمة الله وفضله-.

وغير معذورين في اقترافهم الشرك وما ينبني عليه من أحكام مثل: عدم دفنهم في مقابر المسلمين، ولا الصلاة عليهم، وعدم القيام على قبورهم والاستغفار لهم، ولا تؤكل ذبائحهم، ولا تنكح نساؤهم، ولا يدخلون الجنة، وهو أعظمها من الأحكام.

قال ابن تيمية: والتذكير العام المطلق ينفع فإن من الناس من يتذكر فينتفع به، والآخر تقوم عليه الحجة ويستحق العذاب على ذلك، فيكون عبرة لغيره فيحصل بتذكيره نفع أيضاً، لأنه بتذكيره تقوم عليه الحجة، فتجوز عقوبته بعد هذا بالجهاد وغيره، فتحصل بالذكرى منفعة فكل تذكير ذكر به النبي، صلى الله عليه وسلم، المشركين، حصل به نفع في الجملة وإن كان النفع للمؤمنين الذين قبلوه واعتبروا به وجاهدوا المشركين الذين قامت عليهم الحجة (?) اهـ.

أي أن القتال والجهاد للمشركين لا يكون إلا بعد إقامة الحجة وهم قبلها مشركون.

وقال أيضاً: فإنه إذا ذكّر قامت الحجة على الجميع. والأشقى الذي تجنبها حصل بتذكيره قيام الحجة عليه واستحقاقه لعذاب الدنيا والآخرة (?) اهـ.

وقال: والكفر بعد قيام الحجة موجب للعذاب، وقبل ذلك ينقص النعمة ولا يزيد (?) اهـ.

قلت: هذا نص في إثبات الكفر قبل الحجة، لكنه غير موجب للعذاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015