فإذا ظهر من العبد بعد هذا ناقض من نواقض الشهادتين علمنا فساد الإيمان لديه إما بسبب فساد العلم الذي هو قول القلب وهو ركن الإيمان الأول، وإما بسبب فساد الانقياد الذي هو عمل القلب وهو ركنه الثاني وعند هذا نقطع بفساد الإيمان والإسلام لدى هذا العبد.

قال ابن تيمية: فالإيمان في القلب لا يكون إيماناً بمجرد تصديق ليس معه عمل وموجبه من محبة الله ورسوله ونحو ذلك، كما أنه لا يكون إيماناً بمجرد ظن وهوى بل لا بد في أصل الإيمان من قول القلب وعمل القلب. ا. هـ.

وقال أيضاً: وكانوا يقولون الإيمان: معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالإركان. ا. هـ.

وقال: وقوله تعالى: (وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء) وقوله: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ). الآية.

فجعل هذه الأمور شرطاً في ثبوت حكم الإيمان فثبت أن الإيمان المعرفة بشرائط لا يكون معتداً به دونها (?). ا. هـ.

وقال ابن القيم: قالوا: والقلب عليه واجبان لا يكون مؤمناً إلا بهما جميعاً واجب المعرفة والعلم وواجب الحب والانقياد والاستسلام فكما لا يكون مؤمناً إذا لم يأت بواجب العلم والاعتقاد لا يكون مؤمناً إذا لم يأت بواجب الحب والانقياد والاستسلام بل إذا ترك الواجب من علمه ومعرفته به كان أعظم كفراً وأبعد عن الإيمان من الكافر جهلاً (?). ا. هـ.

وقال أيضاً -رحمه الله-: فإن الإيمان فرض على كل أحد وهو ماهية مركبة من علم وعمل فلا يتصور وجود الإيمان إلا بالعلم والعمل (?). ا. هـ.

قلت: ومن هذا يعلم أن العبد إذا فعل الشرك بجهل قطعنا بتخلف العلم لديه الذي هو ركن من أركان الإيمان وبالتالي فساده وفساد الإسلام لدى هذا العبد. وهذه السادسة.

ومن هذه النقاط الست وغيرها الكثير يعلم أن هؤلاء الأئمة لا يعذرون المشرك بجهله ولا يدخلونه في مسمى المسلمين.

وأما فتاوى هؤلاء العلماء في أنهم لا يكفرون أحداً ممن وقع في الشرك والكفر إلا بعد إقامة الحجة وذلك لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة كقول ابن تيمية -رحمه الله-

طور بواسطة نورين ميديا © 2015