وقال: فإن قلت: قد يفعل بعض الناس عند قبره مثل هذا (أي الشرك). قلت لك: أما عند القبر فلا يقدر أحد على ذلك، فإن الله أجاب دعوته حيث قال "اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد". وأما في مسجده فإنما يفعل ذلك بعض الناس الجهال، وأما من يعلم شرع الإسلام فإنما يفعل ما شرع، وهؤلاء ينهون أولئك بحسب الإمكان.
فلا يجتمع الزوار على الضلال، وأما قبر غيره فالمسافرون إليهم كلهم جهال ضالون مشركون ويصيرون عند نفس القبر ولا أحد هناك ينكر عليهم (?). ا. هـ.
وقال ابن القيم: وتلاعب الشيطان بالمشركين في عبادة الأصنام له أسباب عديدة تلاعب بكل قوم على قدر عقولهم.
فطائفة دعاهم إلى عبادتها من جهة تعظيم الموتى الذين صوروا تلك الأصنام على صورهم كما تقدم عن قوم نوح -عليه السلام- ولهذا لعن النبي، صلى الله عليه وسلم، المتخذين على القبور المساجد والسرج، ونهى عن الصلاة إلى القبور وسأل ربه سبحانه أن لا يجعل قبره وثناً يعبد ونهى أمته أن يتخذوا قبره عبداً وقال "اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". وأمر بتسوية القبور وطمس التماثيل.
فأبى المشركون إلا خلافه في ذلك كله إما جهلاً، وإما عناداً لأهل التوحيد ولم يضرهم ذلك شيئاً وهذا هو السبب الغالب على عوام المشركين (?). ا. هـ.
وقال أيضاً -رحمه الله-: وأما "القول على الله بغير علم" فليس في أجناس المحرمات أعظم عند الله منه، ولا أشد إثماً، وهو أصل الشرك والكفر، وعليه أسست البدع والضلالات فكل بدعة مضلة في الدين أساسها القول على الله بلا علم ...
وأصل الشرك والكفر: هو القول على الله بلا علم، فإن المشرك يزعم أن من اتخذه معبوداً من دون الله يقربه إلى الله ويشفع له عنده، ويقضي حاجته بواسطته كما تكون الوسائط عند الملوك فكل مشرك قائل على الله بلا علم دون العكس إذ القول على الله بلا علم قد يتضمن التعطيل والابتداع في دين الله فهو أعم من الشرك، والشرك فرد من أفراده (?). ا. هـ.