زعموا: أن التماثيل طلاسم الكواكب السماوية والدرجات الفلكية والأرواح العلوية وقوم اتخذوها على صورة من كان فيهم من الأنبياء والصالحين، وقوم جعلوها لأجل الأرواح السفلية من الجن والشياطين وقوم على مذاهب أخر. وأكثرهم لرؤسائهم مقلدون وعن سبيل الهدى ناكبون، فابتعث الله نبيه نوحاً، عليه السلام، يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وينهاهم عن عبادة ما سواه وإن زعموا أنهم يعبدونهم ليتقربوا بهم إلى الله زلفى ويتخذوهم شفعاء (?). اهـ.
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب ... أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصاباً وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تُعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسّخ العلم عبدت (?) اهـ.
قلت: انظر رحمني الله وإياك قول ابن عباس -رضي الله عنهما -أنها- أي الأصنام- لم تعبد في بادئ الأمر، وأن العلة في عبادتها: تنسخ العلم وانتشار الجهل.
وذلك لأن المشرك أينما كان يظن أن ما هو عليه من الديانة تقربه إلى الله زلفى فكيف يتقرب العبد إلى الله بأمر يعتقد بطلانه؟
وذلك لأن الشرك منبعه ومبعثه: الاعتقاد، بخلاف المعصية فإن منبعها ومبعثها: الشهوة المحضة.
فالزاني والسارق وشارب الخمر يعلم قبح وحرمة معصيته ولكن يحمله على اقترافها الشهوة العارمة بخلاف الذبح والنذر والدعاء والاستغاثة فهذه الحامل على فعلها: الاعتقاد لا الشهوة.
لذلك لن تجد عبداً يعلم قبح وحرمة الشرك وأنه يسوق صاحبه إلى الخلود في النيران ويحرم عليه دخول الجنة ويحبط عمله بالكلية ثم يفعله بعد هذا قربة إلى الله؟.