فمن اجتهد فيها فهو آثم لا ريب كمن اجتهد فيما أذن الشرع فيه إلا أنه غير جامع لآلة الاجتهاد فهذا أيضاً آثم لا شك في ذلك. وهذا القدر متفق عليه بين سلف الأمة وأئمتها كما نقل القاضي عياض الإجماع عليه.

قال الإمام النووي تعليقاً على الحديث (إذا اجتهد الحاكم) فقال: قال لعلماء: أجمع المسلمون على أن هذا الحديث في حاكم عالم أهل للحكم فإن أصاب فله أجران أجر باجتهاده وأجر بإصابته، وإن أخطأ فله أجر باجتهاده، وفي الحديث محذوف تقديره إذا أراد الحاكم فاجتهد. قالوا: فأما من ليس بأهل للحكم فلا يحل له الحكم فإن حكم فلا أجر له بل هو آثم ولا ينفذ حكمه، سواء وافق الحق أم لا لأن إصابته اتفاقية ليست صادرة عن أصل شرعي فهو عاص في جميع أحكامه سواء وافق الصواب أم لا وهي مردودة كلها ولا يعذر في شيء من ذلك وقد جاء في الحديث في السنن: القضاة ثلاثة قاض في الجنة واثنان في النار .. وقاض قضى على جهل فهو في النار. (ثم أخذ يتكلم عن مسألة هل كل مجتهد مصيب أم المصيب واحد إلى أن قال).

وهذا الاختلاف إنما هو: في الاجتهاد في الفروع فأما أصول التوحيد فالمصيب فيها واحد بإجماع من يعتد به (?). ا. هـ.

وقال صاحب عون المعبود تعليقاً على الحديث قال: قال الخطابي: إنما يؤجر المخطئ على اجتهاده في طلب الحق. لأن اجتهاده عبادة ولا يؤجر على الخطأ بل يوضع عنه الإثم فقط.

وهذا فيمن كان جامعاً لآلة الاجتهاد عارفاً بالأصول عالماً بوجوه القياس، فأما من لم يكن محلاً للاجتهاد فهو متكلف ولا يعذر بالخطأ بل يخاف عليه الوزر ويدل عليه قوله، صلى الله عليه وسلم: "القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار".

وهذا إنما هو: في الفروع المحتملة للوجوه المختلفة دون الأصول التي هي أركان الشريعة وأمهات الأحكام التي لا تحتمل الوجوه ولا مدخل فيها للتأويل، فإن من أخطأ فيها كان غير معذور في الخطأ وكان حكمه في ذلك مردوداً (?). ا. هـ.

قلت: ويراجع أيضاً فتح الباري وغيرها من كتب الحديث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015