قال القرطبي: (يُبَيِّنُ لَكُمْ). انقطاع حجتهم حتى لا يقولوا: غداً ما جاءنا رسول (عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ) أي سكون يقال: فتر الشيء: سكن، وقيل "عَلَى فَتْرَةٍ" على انقطاع ما بين النبيين عن أبي عليّ وجماعة أهل العلم وحكاه: الرماني اهـ.

وقال ابن كثير: ... والمقصود أن الله بعث محمداً، صلى الله عليه وسلم، على فترة من الرسل، وطموس من السبل، وتغير الأديان، وكثرة عبادة الأوثان والنيران والصلبان فكانت النعمة به أتم النعمة والحاجة إليه أمر عمم، فإن الفساد قد عم جميع البلاد والطغيان والجهل قد ظهر في سائر العباد إلا قليلاً من المتمسكين ببقايا من دين الأنبياء ... " ... ثم إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من بني إسرائيل ... ". ثم رواه الإمام أحمد ومسلم والنسائي من غير وجه ...

فكان الذين قد التبس على أهل الأرض كلهم حتى بعث الله محمداً، صلى الله عليه وسلم، فهدى الخلائق وأخرجهم الله به من الظلمات إلى النور وتركهم على المحجة البيضاء والشريعة الغراء، ولهذا قال -تعالى-: (أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ). أي: لئلا تحتجوا وتقولوا يا أيها الذين بدلوا دينهم وغيروه ما جاءنا من رسول يبشر بالخير وينذر من الشر، فقد جاءكم بشير ونذير يعني محمداً، صلى الله عليه وسلم، اهـ.

وقال الطبري: على فترة من الرسل يقول: على انقطاع من الرسل، والفترة في هذا الموضع الإنقطاع يقول: قد جاءكم رسولنا يبين لكم الحق والهدى على انقطاع من الرسل ... (أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ) ... فمعنى الكلام: قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل كي لا تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير يعلمهم -عزّ ذكره- أنه قد قطع عذرهم برسوله صلى الله عليه وسلم، وأبلغ إليهم في الحجة اهـ.

وقال الشوكاني: (أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ). تعليل: لمجيء الرسول بالبيان على حين فترة: أي كراهة أن تقولوا هذا القول معتذرين عن تفريطكم "أي لا تعتذروا فقد جاءكم بشير ونذير وهو محمد، صلى الله عليه وسلم اهـ.

الآية الثانية: قوله -تعالى-: (وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ). [القصص: 47].

قال الطبري يقول -تعالى ذكره-: ولولا أن يقول هؤلاء الذين: أرسلتك يا محمد، صلى الله عليه وسلم، إليهم لو حلّ بهم بأسنا أو أتاهم عذابنا من قبل أن نرسلك إليهم على كفرهم بربهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015