التلبس بالشرك الأكبر ومعلوم أن هذا من أبلغ صيغ العموم إذ هو أسلوب حصر وقصر أي: عبادة غير الله لا تكون إلا من كافر، ولا توجد مع الإسلام البتة، بخلاف استحلال المحرمات فقد يكون صاحبها مسلماً إذا كان نشأ ببادية بعيدة، أو حديث عهد بالإسلام، أو لم يكن المحرم: معلوماً بالاضطرار من الدين في وقته.
ففي هذه الأحوال يعذر بجهله استحلال المحرمات لأن الخبريات لا يكفر جاهلها إلا بعد النص والبلاغ، بخلاف التوحيد فنقضه كفر قبل الخبر وبعده.
تعريف الردة وأنواعها:
قال صاحب كفاية الأخيار أبو بكر بن محمد: الردة في اللغة: الرجوع عن الشيء إلى غيره ومنه قوله تعالى: (وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ). وفي الشرع: الرجوع عن الإسلام إلى الكفر وقطع الإسلام.
ويحصل تارة بالقول، وتارة بالفعل، وتارة بالاعتقاد وكل واحد من هذه الأنواع الثلاثة فيه مسائل لا تكاد تحصر فتذكر كل نبذة ما يعرف بها غيره.
أما القول: فكما إذا قال شخص عن عدوه لو كان ربي ما عبدته فإنه يكفر، وكذا لو قال لو كان نبياً ما آمنت به، أو قال عن ولده أو زوجته هو أحب إلي من الله أو من رسوله، وكذا لو قال مريض بعد ما شفي: لقيت في مرضي هذا ما لو قتلت أبا بكر وعمر لم استوجبه فإنه يكفر، وذهب طائفة من العلماء: إلى أنه يتحتم قتله لأن يتضمن قوله نسبة الله تعالى إلى الجور ....
وكذا لو ادعى: أنه أوحى إليه وإن لم يدع النبوة أو ادعى أنه يدخل الجنة ويأكل من ثمارها وأنه يعانق الحور العين فهو كفر بالإجماع، ومثل هذا وأشباهه كما يقوله: زنادقة المتصوفة قاتلهم الله ما أجهلهم وأكفرهم وأبلم من اعتقدهم، ولو سب نبياً من الأنبياء أو استخف به فإنه يكفر بالإجماع ....
وأما الكفر بالفعل: كالسجود للصنم والشمس والقمر وإلقاء المصحف في القاذورات والسحر الذي فيه عبادة الشمس وكذا الذبح للأصنام والسخرية باسم من أسماء الله تعالى أو بأمره أو وعيده أو قراءة القرآن على ضرب الدف ....
ولو فعل فعلاً أجمع المسلمون على أنه لا يصدر إلا من كافر وإن كان مصرحاً