الجنة والنار غير متوقف على العمل فحكم هؤلاء أنهم: جهال كفار أكفر من اليهود والنصارى وليسوا طائفة معدودة من طوائف المسلمين.
وأن من يحتج بالقدر على حجية الأفعال والمقدور فهؤلاء: أكفر من اليهود والنصارى لأن اليهود والنصارى يؤمنون ببعض الأوامر والنواهي ويكفرون ببعضها وهؤلاء كفار بجميع الأوامر والنواهي والشرائع السماوية.
وأن من أقر بالعلم والكتاب المتقدم مع إنكار خلق أفعال العباد وإرادة الكائنات فهؤلاء: مبتدعة ضلال في تكفيرهم: نزاع مشهور بين العلماء.
قال ابن رجب في شرح حديث جبريل: ولأجل هذه الكلمة (أي الإيمان بالقدر) روى ابن عمر -رضي الله عنهما- هذا الحديث محتجاً به على من أنكر القدر وزعم أن الأمر أُنف: يعني: أنه مستأنف لم يسبق به سابق قدر من الله -عز وجل- وقد غلظ عبد الله بن عمر عليهم وتبرأ منهم وأخبر أنه لا تقبل منهم أعمالهم بدون الإيمان بالقدر ...
إثبات العلم القديم حجة على القدرية:
وقد قال كثير من أئمة السلف: ناظروا القدرية بالعلم، فإن أقروا به خصموا، وإن جحدوا فقد كفروا. يريدون: أن من أنكر العلم القديم السابق بأفعال العباد وأن الله -تعالى- قسمهم قبل خلقهم إلى شقي وسعيد وكتب ذلك عنده في كتاب حفيظ فقد كذب بالقرآن فيكفر بذلك وإن أقروا بذلك وأنكروا أن الله خلق أفعال العباد وشاءها وأرادها منهم إرادة كونية قدرية فقد خصموا، لأن ما أقروا به حجة عليهم فيما أنكروه.
وفي تكفير هؤلاء: نزاع مشهور بين العلماء وأما من أنكر العلم القدين فنص الشافعي وأحمد على تكفيره وكذلك غيرهما من أئمة الإسلام (?). ا. هـ.
قلت: فمن هذا الأثر في هؤلاء القوم الذين أرادوا أن ينزهوا الله فوقعوا في التنقص به -عز وجل- من حيث لا يشعرون ولا يقصدون الكفر، بل حالهم البحث عن العلم واقتفاء أثره، ومع هذا عندما وصل حالهم إلى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- تبرأ منهم البراءة