قال النووي: قال القاضي عياض: ورأيت بعضهم قال فيه: يتقعرون بالعين وفسره بأنهم يطلبون قعره أي: غامضه وخفيه ومنه تقعر في كلامه إذا جاء بالغريب منه. وفي رواية أبي يعلى الموصلي يتفقهون بزيادة الهاء وهو ظاهر قوله (وذكر من شأنهم) ....
يعني: وذكر ابن يعمر من حال هؤلاء ووصفهم بالفضيلة في العلم والاجتهاد في تحصيله والاعتناء به.
قوله (يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف) هو بضم الهمزة والنون أي: مستأنف لم يسبق به قدر ولا علم من الله -تعالى- وإنما يعلمه بعد وقوعه كما قدمنا حكايته عن مذهبهم الباطل وهذا القول قول غلاتهم وليس قول جميع القدرية ... قوله (قال يعني ابن عمر -رضي الله عنهما- فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني ....).
هذا الذي قاله ابن عمر -رضي الله عنه- ظاهر في تكفيره القدرية.
قال القاضي عياض رحمه الله: هذا في القدرية الأول الذين نفوا تقدم علم الله -تعالى- بالكائنات قال والقائل بهذا كافر بلا خلاف (?) ا. هـ.
وقال ابن تيمية: وأما كون الأشياء معلومة لله قبل كونها. فهذا حق لا ريب فيه وكذلك كونها مكتوبة عنده أو عند ملائكته كما دل على ذلك الكتاب والسنة وجاءت به الآثار وهذا العلم والكتاب: هو القدر الذي ينكره غالبية القدرية ويزعمون أن الله لا يعلم أفعال العباد إلا بعد وجودها وهم كفار كفرهم الأئمة: كالشافعي وأحمد وغيرهما (?) ا. هـ.
فرق القدرية:
وقال أيضاً: وإنما نازع في ذلك (أي الإيمان بالقدر) غلاة القدرية وظنوا أن تقدم العلم يمنع الأمر والنهي، وصاروا فريقين.
(فريق) أقروا: بالأمر والنهي والثواب والعقاب وأنكروا أن يتقدم بذلك قضاء وقدر وكتاب، وهؤلاء نبغوا في أواخر عصر الصحابة فلما سمع الصحابة بدعهم تبرؤوا منهم كما تبرؤا منهم، ورد عليهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله وواثلة بن