لا تفعلوا كذا قالوا: إنما نحن على الهدى. وأخرج ابن اسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن سلمان أنه قرأ هذه الآية. فقال: لم يجيء أهل هذه الآية بعد. قال ابن جرير: يحتمل أن سلمان أراد بهذا أن الذين يأتون بهذه الصفة أعظم فساداً من الذين كانوا في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا أنه عنى أنه لم يمض ممن تلك صفته أحد. انتهى.
ويحتمل أن سلمان يرى (هذا كلام الإمام الشوكاني) أن هذه الآية ليست في المنافقين بل يحملها على مثل أهل الفتن التي يدين أهلها بوضع السيف في المسلمين كالخوارج وسائر من يعتقد في فساده أنه صلاح لما يطرأ عليه من الشبه الباطلة ...
(أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء) يقول: الجهال (وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ) يقول: لا يعقلون ا. هـ.
وقال البغوي: (وَمَا يَشْعُرُونَ) أي: لا يعلمون أنهم يخدعون أنفسهم وأن وبال خداعهم يعود عليهم .. (وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ) أي: لا يعلمون أنهم مفسدون لأنهم يظنون أن الذي هم عليه من إبطان الكفر صلاح وقيل: لا يعلمون ما أعد الله لهم من العذاب ا. هـ.
وقال ابن كثير وقوله تعالى: (يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا). أي: بإظهارهم ما أظهروه من الإيمان مع إسرارهم الكفر يعتقدون بجهلهم أنهم يخدعون الله بذلك. وأن ذلك نافعهم عنده وأنه يروج عليه كما يروج على بعض المؤمنين كما قال تعالى: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ ...) ...
(وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ). إعلاماً منه عباده المؤمنين أن المنافقين بإساءتهم إلى أنفسهم في إسخاطهم عليها ربهم بكفرهم وشكهم وتكذيبهم غير شاعرين ولا دارين ولكنهم على عمياء من أمرهم مقيمون ..
(أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ). يقول: ألا إن هذا الذي يعتمدونه ويزعمون أنه صلاح هو عين الفساد ولكن من جهلهم لا يشعرون بكونه فساداً .. (وَلَكِن لاَّ يَعْلَمُونَ) يعني: ومن تمام جهلهم أنهم لا يعلمون بحالهم في الضلالة والجهل وذلك أردى لهم وأبلغ في العمي والبعد عن الهدى ..
(أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ ...). وهذا مثل آخر ضربه الله -تعالى- لضرب آخر من المنافقين وهم قوم يظهر لهم الحق تارة ويشكون تارة أخرى فقلوبهم في حال شكهم وكفرهم وترددهم (كصيب). ا. هـ.