(جل وعلا): {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ} [البقرة: آية 255].
أما الشفاعةُ للمؤمنين بإذنِ رَبِّ السماواتِ والأرضِ فهي جائزةٌ شَرْعًا وواقعةٌ، كما دَلَّتْ عليه نصوصُ الكتابِ وَالسُّنَّةِ (?)، كما في قوله: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: آية 28]، وقوله (جل وعلا): {وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: آية 23]، ونحو ذلك من الآياتِ والأحاديثِ. والشفاعةُ الكبرى للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كما يأتي إيضاحُه في سورةِ بني إسرائيلَ في قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: آية 79]، وقد يُشفِّعُ اللَّهُ مَنْ شَاءَ من خَلْقِهِ من الأنبياءِ والمرسلين والصالحين (?).
وقد تكونُ الشفاعةُ بإخراجِ مَنْ دَخَلَ النَّارَ، وقد تكونُ الشفاعةُ بأن يشفعَ لمن عليه ذنوبٌ فيُنْقَذُ من النارِ، وقد تكونُ برفعِ الدرجاتِ، والشفاعةُ الكبرى في فَصْلِ القضاءِ بين الْخَلْقِ، فمعنى قوله إذًا: {وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ} هذا إذا كانت كافرةً على الإطلاقِ، ولو كانت مؤمنةً لا تُقْبَلُ شفاعةٌ إلا بإذنِ رَبِّ السماواتِ والأرضِ.
[1/ب] وقولُه: {وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} العَدْلُ: الفداءُ، وإنما سُمِّيَ الفداءُ عَدْلاً؛ لأن فداءَ الشيءِ كأنه قِيمَةٌ مُعادِلَةٌ له ومُماثِلَةٌ له تكونُ عِوَضًا وبدلاً منه. قال بعضُ علماءِ العربيةِ (?): ما يُعَادِلُ الشيءَ ويماثلُه إن كان من جِنْسِهِ قيل له (عِدْلٌ) بكسر العين، ومنه (عِدْلاَ