وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ» (?). وقد دَلَّ الكتابُ والسنةُ أن نفيَ الشفاعةِ المذكورَ هنا ليس على عُمُومِهِ (?)، وأن للشفاعةِ تَفْصِيلاً، منها ما هو ثابتٌ شَرْعًا، ومنها ما هو مَنْفِيٌّ شَرْعًا (?). أما المنفيُّ شَرْعًا الذي أَجْمَعَ عليه المسلمون فهو الشفاعةُ للكفارِ؛ لأن الكفارَ لا تنفعهم شفاعةٌ أَلْبَتَّةَ، كما قال تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: آية 48]، وقال عنهم: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ} [الشعراء: آية 100]، وقال (جل وعلا): {وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: آية 28] مع أنه قال في الكافرِ: {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزمر: آية 7]، فالشفاعةُ للكفارِ ممنوعةٌ شَرْعًا بإجماعِ المسلمين، ولم يقع في هذا استثناءٌ أَلْبَتَّةَ، إلا شفاعةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لِعَمِّهِ أبي طالبٍ (?)، فإنها نَفَعَتْهُ بأن نُقِلَ بسببها من محلٍّ من النارِ إلى محلٍّ أسهلَ منه، كما صَحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ
شَفَاعَتِي فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ (?) مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، لَهُ نَعْلاَنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ» (?).