فَقُلْنَا أَسْلِمُوا إِنَّا أَخُوكُمْ ... وَقَدْ سَلِمَتْ مِنَ الإِحَنِ الصُّدُورُ

أي: إِنَّا إِخْوَانُكُمْ. وقولُ جَرِيرٍ (?):

إِذَا آبَاؤُنَا وَأَبُوكَ عُدُّوا ... أَبَانَ الْمُقرِفَات مِنَ الْعِرَابِ

وهو كثيرٌ جِدًّا في كلامِ العربِ، ومنه قولُه هنا: {عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ} والعدوُّ: هو الذي يُعَادِيكَ، ويتربصُ بكَ الدوائرَ، وَكُلَّمَا وجدَ فرصةً لِضَرَرِكَ ضرَّكَ [وشياطين الإنس والجن يُعَادُونَ الأنبياءَ والرسلَ (عليهم الصلاةُ والسلامُ)] (?) وهم أعداءُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

وقولُه: {شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ} الشياطينُ: جمعُ الشيطانِ، والشيطانُ في لغةِ العربِ: هو كُلُّ عَاتٍ متمردٍ في الطغيانِ. فَكُلُّ مَا زَادَ وَبَرَزَ في جِنْسِهِ بِأَنْ زَادَ طغيانُه وعصيانُه وعُتُوُّه تُسَمِّيهِ العربُ: (شيطانًا)، سواء كان من الإنسِ أو من الجنِّ أو من غيرِهما. فَكُلُّ عَاتٍ متمردٍ فهو شيطانٌ (?)، سواء كان من الإنسِ كقولِه هنا: {شَيَاطِينَ الإِنْسِ} وقولِه: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكْمْ} [البقرة: آية 14] أي: عُتَاتِهِمُ المتمردين من رؤساءِ الكفرةِ من الإنسِ. وهو معنًى معروفٌ في كلامِ العربِ، ومنه قولُ جريرٍ (?):

أَيَّامَ يَدْعُونَنِي الشَّيْطَانَ مِنْ غَزَلٍ ... وَكُنَّ يَهْوَيْنَنِي إِذْ كُنْتُ شَيْطَانَا

أَيْ: مُتَمَرِّدًا عاتيًا. هذا أصلُ الشيطانِ في لغةِ العربِ، ومن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015