ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [فاطر: آية 33] وقال بعضُ العلماءِ: حُقَّ لهذه الواوِ أن تُكْتَبَ بماءِ العينين (?).
يعني: واو {يَدْخُلُونَهَا}؛ لأنه وَعْدٌ من الله صادقٌ، شاملٌ بظاهرِه الظالمَ والمقتصدَ والسابقَ.
وفي الآيةِ سؤالٌ معروفٌ وهو أَنْ يقالَ: ما الحكمةُ في تقديمِ الظالمِ لنفسِه في الوعدِ بجناتِ عدنٍ وتأخيرِ السابقِ (?)؟ وللعلماءِ عن هذا أجوبةٌ معروفةٌ، منها: أنه قدَّم الظالمَ لِئَلاَّ يَقْنَطَ، وأخَّر السابقَ بالخيراتِ لئلا يُعْجَبَ
بعملِه فَيُحْبَطَ. وقال بعضُ العلماءِ: أكثرُ أهلِ الجنةِ الظالمونَ لأنفسهم، فبدأَ بهم لأَكْثَرِيَّتِهِمْ.
وَمِمَّا يدلُّ على أفضليةِ أمةِ محمد - صلى الله عليه وسلم - على بني إسرائيلَ: أن الابتلاءَ الذي يظهرُ به الفضلُ وَعَدَمُهُ إنما يكونُ بخوفٍ أو طَمَعٍ، وقد ابْتَلَى أصحابَ النبيِّ محمد - صلى الله عليه وسلم - بخوفٍ، وابتلاهم بطمعٍ، وابتلى بني إسرائيلَ بخوفٍ، وابتلاهم بطمعٍ، أما الخوفُ الذي ابتلى اللَّهُ (جل وعلا) به أصحابَ محمد - صلى الله عليه وسلم -: فهو أنهم لما غَزَوْا غزاة بدرٍ، وسَاحَلَ أبو سفيان بِالْعِيرِ، واستنفرَ لهم النفيرَ، وجاءهم الخبرُ بأن العير سَلِمَتْ، وأن الجيشَ أَقْبَلَ إليهم، وأخبرهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بذلك، قال له المقدادُ بنُ عمرٍو (رضي الله عنه): وَاللَّهِ لو سِرْتَ بنا إلى بَرْك الغِمَادِ (?) لَجَالَدْنَا مِنْ دُونِهِ معكَ، ولو خُضْتَ بنا هذا البحرَ لَخُضْنَاهُ،