موطئةٌ للقسمِ، واللامُ في قولِه: {لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا} جوابٌ للقسمِ؛ لأَنَّ القسمَ قبلَ الشرطِ، والقاعدةُ المقررةُ في علمِ العربيةِ: أنه إذا اجتمعَ شرطٌ وقسمٌ فالجزاءُ للسابقِ منهما (?). والسابقُ هنا: القَسَمُ. يعنِي: لئن جَاءَتْهُمْ آيةٌ من الآياتِ التي اقْتَرَحُوهَا عليكَ ليؤمنن بها، ويصدقونَ بأنها مِنَ اللَّهِ، وأنها معجزةٌ دالةٌ على أنكَ نَبِيٌّ حَقًّا. فَأَمرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ بِأَمْرَيْنِ:

أحدُهما: أن يقولَ لهم: إن الآياتِ عند الله، هو الذي يأتِي بها إن شاء، كما قال جل وعلا: {إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4)} [الشعراء: آية 4].

الأَمْرُ الثاني: أنه يقولُ: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ (109)} فمعنَى قولِه: {قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ} أي: الآيات التي اقْتَرَحْتُمُوهَا عندَ اللَّهِ وبيدِه، إن شاءَ أَنْزَلَهَا، وإن شاءَ لم يُنْزِلْهَا، إنما أنا نذيرٌ، وقد جِئْتُكُمْ به من المعجزاتِ ما يُوَضِّحُ الحقَّ، وَيَقْطَعُ الشُّبَهَ، ويثبت لكم ثبوتًا ضروريًّا أني نَبِيٌّ كَرِيمٌ. أما التعنتاتُ والآياتُ المقترحاتُ فهي عندَ اللَّهِ، إن شاءَ أَنْزَلَهَا عليكم فَأَهْلَكَكُمْ إن لم تؤمنوا، وإن شاءَ لم يُنْزِلْهَا عليكم.

وقولُه: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ (109)} الإشعارُ في لغةِ العربِ: الإعلامُ (?)، أي: ما يُعْلِمُكُمْ وَمَا يُدْرِيكُمْ.

وقرأ هذا الحرفَ عامةُ القراءِ ما عدا البصريَّ أبا عمرٍو: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ} بِضَمِّ الراءِ، وَمَنْ يُرَقِّقُ - كَوَرْشٍ - يُرَقِّقُ، ومن يُفَخِّمُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015