هذه الأشياءُ الأربعةُ هي أنواعُ العملِ، وهي: القولُ والفعلُ والعزمُ المُصَمِّمُ والتركُ، وجميعُها يدخلُ في قولِه: {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ}.
{مَّرْجِعُهُمْ} هنا: مصدرٌ مِيمِيٌّ، ومعناه: رجوعُهم. والمقررُ في فَنِّ التصريفِ: أن المصدرَ الميميَّ أصلُه (مفْعَل) بفتحِ العينِ، إلا إذا كان من مِثَالٍ. أعني: واويَّ الفاءِ، غيرَ مُعْتَلِّ اللامِ، فالقياسُ أن يقالَ في (المَرْجِعِ) - بمعنَى الرجوعِ - أن يقالَ فيه: (مَرْجَع) لأَنَّ المصدرَ الميميَّ في مثلِ هذا قياسُه: (مَفْعَل) بِفَتْحِ العينِ، إلا إنه كُسِرَ المرجعُ هنا وقيل فيه: (مَفْعِل) سَمَاعًا لا قِيَاسًا، فهو سماعٌ يُحْفَظُ ولاَ يُقَاسُ عليه (?)، وهو مصدرٌ ميميٌّ بمعنَى (الرجوعِ).
وَقَدَّمَ الجارَّ والمجرورَ على عاملِه الذي هو المصدرُ الميميُّ إِيذَانًا بالحصرِ: {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ} لأنه قد تَقَرَّرَ في فَنِّ المعانِي في مبحثِ القصرِ، وفنِّ الأصولِ في مبحثِ دليلِ الخطابِ - أعنِي مفهومَ المخالفةِ - أن مِنْ صِيَغِ الحصرِ: تقديمَ المعمولِ على عَامِلِهِ (?)؛ فَقَدَّمَ المعمولَ الذي هو الجارُّ والمجرورُ على عاملِه الذي هو المصدرُ الميميّ إيذانًا بالحصرِ.
والمعنَى: رجوعُهم يومَ القيامةِ إلى اللَّهِ وحدَه، فليس هنالكَ معه مَلِكٌ آخَرُ يَرْجِعُ إليه بعضُهم، بل يرجعونَ إليه وحدَه (جل وعلا).
وقولُه: {فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108)} {يُنَبِّئُهُم} مضارعُ