أن الظَّالِمَ: هو الذي يطيعُ مرةً ويعصي أُخْرَى، من الذين قال اللَّهُ فيهم: {خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: آية 102].
والمقتصدُ: هو الذي يأتِي بالواجباتِ، ويتركُ المحرماتِ، ولا يتقربُ بالنوافلِ.
والسابقُ بالخيراتِ: هو الذي يأتِي بالواجباتِ، وَيَتَّقِي الْمُحَرَّمَاتِ، ويتقربُ إلى اللَّهِ بالنوافلِ، تَقَرُّبًا إليه بغيرِ الواجباتِ.
وكان بعضُ العلماءِ يقولُ: ما الحكمةُ في تقديمِ الظالمِ في آيةِ (فاطر) هذه، والظالمُ إذا كان في هذا الوعدِ الكريمِ بدخولِ الجنةِ {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} أين له أن يُقَدَّمَ فيقدمه اللَّهُ بالذكرِ على المقتصدِ والسابقِ؟
للعلماءِ عن هذا أجوبةٌ معروفةٌ (?):
منها: أن بعضَهم قال: هذا المقامُ أظهرَ اللَّهُ فيه كرمَه وتعظيمَ هذا القرآنِ العظيمِ، وقوَّةَ آثارِه على مَنْ أَوْرَثَهُمْ إياه بدخولِ الجنةِ؛ ولذا بدأ بالظالمِ لئلا يقنطَ، وأخَّر السابقَ بالخيراتِ لئلا يعجبَ بعملِه فيحبط.
وقال بعضُ العلماءِ: أكثرُ أهلِ الجنةِ الظالمونَ لأَنْفُسِهِمْ؛ لأَنَّ اللَّهَ يقولُ: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ} [ص: آية 24] وَلَمَّا كان أكثرُ أهلِ الجنةِ الظالمين لأنفسهم بدأَ بهم لشأنِ الكثرةِ.