أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» (?) فكما أن المؤمنين يعلمونَ صفاتِ رَبِّهِمْ - صفاتِ الكمالِ والجلالِ - ولاَ يُحِيطُونَ بكيفيةِ كُنْهِهَا فكذلكَ يرونَه يومَ القيامةِ بعيونِهم ولا تُحِيطُ به أبصارُهم.
والحاصلُ هو ما قَدَّمْنَاهُ: أن التحقيقَ في رؤيةِ اللَّهِ بعيونِ الرؤوسِ بالأبصارِ أنها جائزةٌ عَقْلاً في الدنيا والآخرةِ، ممتنعةٌ شَرْعًا في الدنيا، جائزةٌ [نَقْلاً وَعَقْلاً] (?) وواقعةٌ في الآخرةِ بالأحاديثِ المتواترةِ والآياتِ القرآنيةِ كَمَا بَيَّنَّا.
وقولُه: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} الأبصارُ: جمعُ بَصَرٍ، ولعلماءِ اللغةِ حدودٌ متقاربةٌ في معنَى البصرِ (?):
قال بعضُهم: البصرُ: العينُ، إلا أنه مُذَكَّرٌ.
وقال بعضُهم: البصرُ: حاسةُ الرؤيةِ.
وقال بعضُهم: البصرُ: حِسُّ العينِ. أي: إحساسُها الذي تُدْرِكُ به المرئياتِ.
وقال بعضُهم: البصرُ: هو الجوهرُ اللطيفُ الذي رَكَّبَهُ اللَّهُ في حاسةِ الرؤيةِ تُرَى به المُبْصَراتُ. معناه: أن هذا البصرَ الذي في العينِ - المعنَى القائمَ فيها، الذي تُدْرِكُ به الْمُبْصَرَاتِ - لا يحيطُ بخالقِ السماواتِ والأرضِ وإن كانوا يرونَه، كما جاءَ في الآياتِ القرآنيةِ.