فيه؛ لأن مَنْ حَبَسَ نفسَه على مَكْرُوهِهَا في طاعةِ اللَّهِ كان ذلك أكبرَ مُعِينٍ على الطاعةِ، ولكن مَا وَجْهُ الاستعانةِ بالصلاةِ على أمورِ الدنيا والآخرةِ؟
الجوابُ (?): أن الصلاةَ هي أكبرُ مُعِينٍ على ذلك؛ لأن العبدَ إذا وَقَفَ بين يَدَيِ رَبِّهِ، يناجي رَبَّهُ ويتلو كتابَه تَذَكَّرَ ما عند اللَّهِ من الثوابِ، وما لديه من العقابِ؛ فَهَانَ في عَيْنِهِ كُلُّ شيءٍ، وهانت عليه مصائبُ الدنيا، وَاسْتَحْقَرَ لَذَّاتِهَا؛ رغبةً فيما عندَ اللَّهِ، ورهبةً مما عند الله.
ثم إن اللَّه قال جل وعلا: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: آية
45] للعلماءِ في مرجعِ الضميرِ في {وَإِنَّهَا} أقوالٌ كثيرةٌ (?)، منها: أنه راجعٌ إلى الاستعانةِ، المفهومِ من قوله: {وَاسْتَعِينُوا}. ومنها: أنه راجعٌ إلى المذكوراتِ في الآيةِ قبلَ هذا، والتحقيقُ: أنه راجعٌ إلى الصلاةِ، والمعنى: {وَإِنَّهَا} أي: الصلاةُ: {لَكَبِيرَةٌ} أي: عظيمةٌ شَاقَّةٌ على كُلِّ أَحَدٍ: {إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ}، والصبرُ كذلك على المصائبِ وعلى طاعةِ اللَّهِ وعن معاصِي اللَّهِ كبيرٌ جِدًّا إلا على الخاشعين، والظاهرُ أن الضميرَ إنما رَجَعَ لأحدِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ اكتفاءً به عن الآخَرِ؛ لأن مثلَ ذلك يُفْهَمُ في الآخَرِ، وهذا يَكْثُرُ في القرآنِ، وفي كلامِ العربِ (?)، فَمِنْهُ في القرآنِ قولُه هنا: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ