القراءةِ الأُخْرَى (?): {تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ} [الرعد: الآيات 1 - 4]، وفي القراءةِ الأُخْرَى: {فِي الأُكْلِ} (3) (4) يعني تجدُ هذا البستانَ أرضُه أرضٌ واحدةٌ، وقِطَعٌ يجاورُ بعضُها بعضًا، والماءُ الذي يُسْقَى به ماءٌ واحدٌ، والأرضُ بقعةٌ واحدةٌ لا اختلافَ في مَائِهَا، ولاَ فِي أرضِها، ثم ترى ذلك البستانَ تَخْرُجُ منه ثِمَارٌ مختلفةٌ ألوانُها وأشكالُها ومقاديرُها وطعومُها ومنافعُها.

فهذا لا يمكنُ أن يكونَ من طبيعةٍ؛ إِذْ لو كانت طبيعةَ الماءِ لَمَا اختلفت إلى هذا الاختلافِ، ولو كانت طبيعةِ الأرضِ لَمَا اخْتَلَفَتْ إلى هذا الاختلافِ؛ لأَنَّ الماءَ واحدٌ، والبقعةَ واحدةٌ، فَدَلَّ اختلافُ هذه الثمارِ في أصنافِها وألوانِها وأشكالِها ومقاديرِها وطعومِها ومنافِعِها: على أن خالقَها هو القادرُ وحدَه، الربُّ وحدَه، المعبودُ وحدَه، الذي له السلطانُ على هذا الكونِ، وأَمْرُهُ (جل وعلا) هو الأمرُ، وَنَهْيُهُ هو النهيُ، وشرعُه هو الشرعُ، ودينُه هو الدِّينُ؛ ولذا قال (جل وعلا) في هذه الآيةِ الكريمةِ: {وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ}.

ثم قال: {انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ} هذا إلفاتُ خالقِ الكونِ نظرَ خَلْقِهِ إلى غرائبِ صُنْعِهِ وعجائبِه، انظر مثلاً إلى النخلةِ، إلى (الكُمّ) عندما يطلعُ كاللسانِ غير مفتوحٍ، ثم انْظُرْهُ عندما ينفتحُ عن ذلك النَّوْرِ الأبيضِ اللَّيِّنِ، ثم بعد ذلك، بعد أن يصيرَ تَمْرًا يابسًا مُدْرِكًا، انظر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015