النجمُ نَجْمًا لأَنَّهُ يَطْلُعُ، والعربُ تُسَمِّي الطلوعَ نَجْمًا، تقول: «نَجَمَ النَّبَاتُ». إذا طَلَعَ (?).
وهذا معنَى قولِه: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} إنما أَضَافَ الظلماتِ إلى البرِّ والبحرِ لأَنَّ المسافرين قَدْ يكونونَ فِي ظلماتِ الليلِ تارةً فِي بَرٍّ، وتارةً في بَحْرٍ، فأضافَ الظلماتِ إلى مكانِها من بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ للملابسةِ بينهما (?).
ثم قال تعالى: {قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ} أي: الدلالاتِ الواضحةَ على قُدْرَتِنَا وَكَمَالِنَا، وأنه ليسَ لأحدٍ أن يَعْبُدَ غَيْرَنَا.
{لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} وهذه الآياتُ التي فَصَّلَ كما ذَكَرَ من أنه يفلقُ الْحَبَّ عن السنبلِ، وَالنَّوَى عن النخلِ، وأنه (جل وعلا) يأتي بالليلِ بدلَ النهارِ، والنهارَ بدلَ الليلِ، وأنه (جل وعلا) يُسَخِّرُ الشمسَ والقمرَ، وأنه (جل وعلا) خَلَقَ النجومَ، وَبَيَّنَ من حِكَمِهَا: اهتداءَ الخلقِ بها، هذه الآياتُ الباهرةُ القاهرةُ قَدْ فَصَّلْنَاهَا لقومٍ يعلمونَ.
وإنما خَصَّ القومَ الذين يعلمونَ لأنهم هُمُ المنتفعونَ بها (?)، وَمِنْ أساليبِ القرآنِ العظيمِ: أَنْ يُخَصِّصَ بالكلامِ المُنْتَفِعِ به (?)، كقولِه: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق: آية 45] وهو مُذكِّرٌ