(?)، منها: أن الشيطانَ لَمَّا جاءَ تلامذتُه مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، وجاءهم بوحيِ الشياطين، وقال لهم: سَلُوا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - عن الشاةِ تُصْبِحُ مَيِّتَةً، مَنْ هُوَ الذي قَتَلَهَا؟ فَلَمَّا أَجَابَ وَقَالَ: «اللَّهُ قَتَلَهَا». أَوْحَى إليهم الشيطانُ أن قالوا: مَا ذَبَحْتُمُوهُ بأيديكم - يَعْنُونَ الْمُذَكَّى - تقولونَ: حَلاَلٌ. وما ذَبَحَهُ اللَّهُ بيدِه الكريمةِ - يَعْنُونَ الْمَيْتَةَ - تقولونَ: هُوَ حَرَامٌ؟ فَأَنْتُمْ إِذًا أحسنُ مِنَ اللَّهِ؛ حيث كانت ذبيحتُكم أَحَلَّ من ذبيحتِه (?)!! فهذه قضيةٌ اخْتَلَفَ الحقُّ والباطلُ فيها في مضغةِ لحمٍ، شاةٌ مَاتَتْ وَلَمْ تُذَكَّ، فجاء تشريعُ الشيطانِ بأنها: حَلاَلٌ؛ لأَنَّ اللَّهَ هو الذي ذَبَحَهَا، وجاءَ نظامُ الإسلامِ، وتشريعُ السماءِ، على لسانِ سَيِّدِ الخلقِ: أنها حرامٌ؛ لأَنَّهَا لَمْ تُذَكَّ، ولم يُذْكَرْ عليها اسمُ اللَّهِ، فَصَرَّحَ اللَّهُ (جل وعلا) بأن الذين يَتْبَعُونَ قانونَ إبليسَ، ونظامَ الشيطانِ،

وَيُحَلِّلُونَ لحمَ الميتةِ الذي حَرَّمَهُ نظامُ السماءِ، أنهم كفرةٌ مُشْرِكُونَ؛ وَلِذَا قال اللَّهُ جل وعلا: {وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} يعنِي الميتةَ. ثُمَّ قَالَ: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ}.

ثُمَّ قَالَ: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} يُجَادِلُوهُمْ بوحيِ الشيطانِ: ما ذَبَحْتُمُوهُ حلالٌ وما ذَبَحَهُ اللَّهُ حرامٌ، فَأَنْتُمْ إِذًا أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ. هذا معنَى قولِه: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ}.

ثُمَّ قَالَ - وهو محلُّ الشاهدِ -: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: آية 121] وإن أَطَعْتُمُوهُمْ في نظامِ إبليسَ في تحريمِ تلك اللحمةِ التي حَلَّلَهَا إبليسُ على لسانِ أَتْبَاعِهِ - بِدَعْوَى شبهةِ أنها ذبيحةُ اللَّهِ، وَحَرَّمَهَا اللَّهُ في تشريعِه السماويِّ على لسانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَرَّحَ اللَّهُ بأن مَنِ اتَّبَعَ نظامَ إبليسَ وَأَحَلَّ تِلْكَ الميتةَ، وَتَرَكَ نظامَ اللَّهِ الذي هو تحريمُها: أنه مُشْرِكٌ بِاللَّهِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015