وبقولِه: {وَمَنْ حَوْلَهَا} تَمَسَّكَ جماعاتٌ من اليهودِ، قالوا: لَمْ يُرْسَلْ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ إِلَى جزيرةِ الْعَرَبِ؛ لأنه قال لَهُ: {وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} في مَوْضِعَيْنِ (?).
وقد أَجْمَعَ العلماءُ، وَدَلَّ القرآنُ العظيمُ، وَالسُّنَّةُ الصحيحةُ، وإجماعُ العلماءِ، أن رسالةَ نَبِيِّنَا - صلى الله عليه وسلم - شاملةٌ عامةٌ للأَسْوَدِ والأَحْمَرِ (?). وعليه يقولُ السائلُ: ما الجوابُ عن قولِه: {أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} والاقتصارُ على هذا هنا، وفي قولِه: {لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}؟
للعلماءِ عنه جَوَابَانِ (?):
أحدُهما: أَنَّ {وَمَنْ حَوْلَهَا} صادقٌ بالدنيا كلها؛ لأن الدنيا عِنْدَ اللَّهِ شيءٌ بسيطٌ كأنها نقطةٌ.
وقال بعضُ العلماءِ: غَايَةُ ما في البابِ أن هذه الآيةَ الكريمةَ اقْتَصَرَتْ على إنذارِ أُمِّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا، وَسَكَتَتْ عَمَّا سوى ذلك، وَجَاءَتْ آياتٌ أُخَرُ صَرَّحَتْ في الإنذارِ بالتعميمِ، كقولِه: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: آية 1] {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: آية 158] وقال جل وعلا: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ} [سبأ: آية 28]