كاذبونَ. كما نَصَّ اللَّهُ عنه في قولِه: {وَجَاؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} [يوسف: آية 18]، وَحَكَى غيرُ واحدٍ إجماعَ العلماءِ (?) على أن مستندَ يعقوبَ في قولِه: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ} أنه عدمُ شَقِّ القميصِ، وَتَيَقَّنَ أَنَّ الذئبَ لو كَانَ أَكَلَهُ لاَ بُدَّ أَنْ يكونَ في القميصِ شَقٌّ مِنْ نَابِهِ أَوْ ظُفْرِهِ، كما هو مَعْرُوفٌ.
وكذلك أخذَ المالكيةُ ضمانَ الغُرْمِ من قولِه في قصةِ يوسفَ وإخوتِه: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوف: آية 72] (?).
وأخذ بعضُ الشافعيةِ - مع أنهم يقولونَ: إِنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا ليسَ شَرْعًا لَنَا - أَخَذُوا ضمانَ الوجهِ المعروفِ في الاصطلاحِ بـ (الكفالةِ) مِنْ قَوْلِ يعقوبَ لأولادِه: {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ} [يوسف: آية 66] (?).
وَأَخَذَ علماءُ المالكيةِ وغيرُهم أن القاضيَ إذا تَوَجَّهَ حُكْمُهُ إلى أحدِ الْخَصْمَيْنِ لا بُدَّ أن يُعْذِرَ إليه بـ: (أَبَقِيَتْ لَكَ حُجَّةٌ)؟ أُخِذَ هذا من قولِه في قصةِ الهدهدِ: {لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} [النمل: آية 21] أي: مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مدْفَعٌ وَعُذْرٌ يَدْفَعُ به عَنْ نَفْسِهِ (?).