والحيواناتِ، وصارَ الجميعُ يَضِجُّ مبتهلين إلى اللَّهِ، فَرَفَعَ اللَّهُ عنهم العذابَ، ولم يُوجَدْ هذا لناسٍ غيرِهم أبدًا، كما نَصَّ اللَّهُ عليه في سورةِ يونسَ: {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [يونس: آية 98] فقولُه هُنَا: {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الظاهرُ أنه ما كَشَفَ عنهم خزيَ العذابِ في الحياةِ الدنيا إلا وهو يكشفُه عنهم في الآخرةِ إِذَا دَامُوا وَلَمْ يَنْكُثُوا (?). ويدلُّ عليه الإطلاقُ في الصافاتِ في قولِه: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (148)} [الصافات: الآيتان 147، 148] فَلَمَّا سَلِمُوا وَلَمْ يأتِهم العذابُ كان نَبِيُّ اللَّهِ يونسُ زَعَمَ أنه إن رَجَعَ إليهم قالوا: قُلْتَ: إِنَّا نُهْلَكُ بالعذابِ وَلَمْ نُهْلَكْ، فقد جَرَّبْنَا عليكَ الكذبَ. فَخَرَجَ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ، فدخلَ في البحرِ، فَلَمَّا دَخَلَ مَعَهُمْ فِي البحرِ وَقَفَتِ السفينةُ ولم تَمْشِ، فقالوا: لَعَلَّ فيها عَبْدًا آبق على رَبِّهِ، هنا عَبْدٌ آبِقُ عَلَى رَبِّهِ، فَاجْعَلُوا القرعةَ نَقْتَرِعْ، فَإِنْ سَقَطَتِ الْقُرْعَةُ على واحدٍ أَلْقَيْنَاهُ فِي الْبَحْرِ، فهو العبدُ الآبِقُ عَلَى رَبِّهِ. فَصَارُوا كُلَّمَا اقْتَرَعُوا تسقط القرعةُ على يونسَ.

فقالوا: هذا العبدُ آبِقٌ على رَبِّهِ؛ لأنه خَرَجَ بغيرِ إِذْنٍ (?). كما قال تعالى: {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141)} [الصافات: الآيتان 140، 141] يعنِي كانَ سهمُه دَاحِضًا؛ لأنه هو الذي تأتِي القرعةُ أنه يُرْمَى في البحرِ. فَرَمَوْهُ في البحرِ {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)} [الصافات: الآيات 142 - 144] كما قَصَّ اللَّهُ قصتَه في آياتٍ من كتابِه، وهو نَبِيُّ اللَّهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015