نوحٍ (?)،

الفاجرُ المعروفُ، لَمَّا قال له: مَنْ رَبُّكَ الذي تَدْعُونَا إليه؟ {قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} [البقرة: آية 258] وكان نمرودُ جاهلاً، فَأَخَذَ رَجُلَيْنِ، أحدُهما كان محكومًا عليه بالقتلِ فأطلقَه، وأخذ آخَرَ بريئًا فَقَتَلَهُ، فقال: هذا كان حَيًّا فأنا أَمَتُّهُ، وهذا كان سيموتُ الآنَ فأنا أَحْيَيْتُهُ (?)!! فَلِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ من الحجةِ وحسنِ المناظرةِ لم يَقُلْ له: هذه ليست الحياةَ التي أُرِيدُ، ولا الموتَ الذي أُرِيدُ. بل تَرَكَ له هذا كُلَّهُ، ولم يُجِبْهُ بشيءٍ منه، وقال: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ} فَزَعَمُوا في قصتِه أنه أَوَّلاً أرادَ أن يكذبَ وأن يقولَ: أنا هو الذي آتِي بها من المشرقِ، فَقُلْ لِرَبِّكَ يأتِي بها من المغربِ!! فَنَظَرَ فإذا في المجلسِ رجالٌ كبارُ السِّنِّ، يعلمونَ الشمسَ تطلعُ من المشرقِ، يُطْلِعُهَا اللَّهُ قبلَ أن يولدَ نمرود، فَخَافَ أن يُكَذِّبُوهُ فيفتضحُ في المجلسِ، فَبُهِتَ الذي كَفَرَ. هذه المناظراتُ التي يُفْحَمُ بها الخصومُ، كما في آيةِ الأنعامِ هذه، هي التي نَوَّهَ اللَّهُ بشأنِها، وأضافَها إلى نفسِه، وقال: إنه آتَاهَا إبراهيمَ، مُعَظِّمًا نفسَه: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا} تلك الحجةُ التي أَفْحَمَ بها الخصومَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015