في هذا الحرفِ قراءتانِ سبعيتانِ (?): قَرَأَهُ أربعةٌ من السبعةِ: نافعٌ، وابنُ كثيرٍ، وأبو عمرٍو، وابنُ عامرٍ: {نَرْفَعُ درجاتِ مَنْ نَشَاءُ} غيرَ مُنَوَّنٍ مُضافًا إلى (مَنْ)، وقرأهُ الكوفيون - عاصمٌ، وحمزةُ، والكسائيُّ - {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء} بتنوينِ
درجاتٍ، وإدغامِ نونِ التنوينِ في الميمِ.
ومعنَى الآيةِ الكريمةِ: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا} اختلفَ العلماءُ في المشارِ إليه بقولِه: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا} فَعَنْ مُجَاهِدٍ: أن الحجةَ الْمُشَارَ إليها بقولِه: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا} أنها قولُ نبيِّ اللَّهِ إبراهيمَ: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا} [الأنعام: آية 81]. قال: لَمَّا خوَّفوه أَصْنَامَهُمْ، وزعموا أنها تُخَبِّلُهُ وتستجلبُ له البرصَ ونحوَه، قال لهم: كيف أخافُ أصنامًا لا تنفعُ ولا تضرُّ، وأنتم تشركونَ مع اللَّهِ غيرَه ولا تخافونَه؟ قال مجاهدٌ وغيرُه: هذه هي حجةُ اللَّهِ التي آتَاهَا إبراهيمَ (?). والظاهرُ أن الإشارةَ في قولِه: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا} راجعةٌ إلى المناظرةِ كُلِّهَا (?)، من قولِه: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي} [الأنعام: آية 76]. كَمَا جَزَمَ به غيرُ واحدٍ وهو الصوابُ، أما عدمُ الخوفِ من الأصنامِ، فهذا أمر حجته أُعْطِيَتْ لجماعةٍ من الرسلِ، ولم يُخَصَّ بها إبراهيمُ، ألا ترى أن قومَ هودٍ قالوا له: إِنَّ بعضَ آلهتِهم اعْتَرَاهُ بسوءٍ، كما نَصَّ اللَّهُ عليه في قولِه: {إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ} [هود: