[لقمان: آية 13]» وَبَيَّنَ لهم أن المرادَ بالظلمِ هنا: الشركُ.

وكان الزمخشريُّ يقولُ: لاَ يمكنُ أن يُفَسَّرَ الظلمُ هنا بالشركِ؛ لأن اللَّهَ يقولُ: {إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} لأن الشركَ لا يختلطُ مع الإيمانِ؛ لأنهما ضِدَّانِ (?). وهذا في الحقيقةِ أمرٌ غيرُ صحيحٍ؛ لأن اللَّهَ يقول: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ} [يوسف: آية 106] فإنهم يؤمنونَ بربوبيةِ اللَّهِ (جل وعلا)، وَبِأَنَّهُ النافعُ الرازقُ، ويشركونَ معَه غيرَه في عبادتِه، كما قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ} وقد جاء في بعضِ الأحاديثِ: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ في سفرٍ من أسفارِه من المدينةِ، ثم بعدَ ذلك لَحِقَ بهم بَدَوِيٌّ راكبًا على بعيرٍ، وقد قال للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إني أتيتُك من بلادِي وَتِلاَدِي، أُرِيدُ أن تعلمنَي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، وأدخلَ في دِينِكَ، فَعَلَّمَهُ النبيُّ شرائعَ الإسلامِ، وَآمَنَ على يدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إيمانًا صحيحًا، وفي ذلك الوقتِ سَقَطَتْ يدُ بعيرِه في جُحْرٍ في الليلِ، فانكسرَ عُنُقُهُ فماتَ، فقال لهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «هَذَا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ». لأنه عندمَا آمَنَ إِيمَانًا صَحِيحًا نَقِيًّا أَخَذَهُ اللَّهُ إليه.

وفي بعضِ الرواياتِ: فيه أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: «إِنَّهُ رَأَى مَلَكًا يَدُسُّ فِي فِيهِ مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ؛ لأَنَّهُ مَاتَ جَائِعًا». جاء هذا في أحاديثَ مرفوعةٍ، اللَّهُ أعلمُ بأسانيدِها (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015