كلامِ العربِ، والظاهرُ ما ذَكَرْنَا. وهذا معنَى قولِه: {وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا} يُخَوِّفُنِي به فمشيئةُ اللَّهِ نافذةٌ كائنةٌ ما كَانَتْ.

{وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} {عِلْمًا} تمييزٌ مُحَوَّلٌ عن الفاعلِ (?). والمعنَى: وَسِعَ علمُه كُلَّ شيءٍ، فهو عَالِمٌ بِكُلِّ شيءٍ، وعلمُه المحيطُ بِكُلِّ شيءٍ إذا أحاطَ بأنه يَجْعَلُنِي في مخافةٍ فذلك حقيقٌ، فلما نَفَى الخوفَ من الأصنامِ تداركَ وقال: لا يُمْكِنُنِي أن أنفيَ الخوفَ، بل أُنِيطُهُ بمشيئةِ اللَّهِ، إذا شاءَ أن يُخِيفَنِي أَخَافَنِي، وإلا فَلاَ. هذا معنَى الكلامِ.

ثُمَّ قَالَ: {أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ} أفلاَ تَتَّعِظُونَ وتعلمونَ أَنَّنِي لا ينبغي لي أن أخافَ من جماداتٍ لا تَنْفَعُ مع أنكم لا تَخَافُونَ من شديدِ البطشِ، ملكِ السماواتِ والأرضِ، حيثُ تكفرونَ به، وتصرفونَ حقوقَه لغيرِه؛ وَلِذَا أتبعَه بقولِه: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ} [الأنعام: آية 81] في غايةِ الإنكارِ، كيفَ أخافُ هذه الجماداتِ التي أَشْرَكْتُمُوهَا بِاللَّهِ، لا تنفعُ ولا تضرُّ، وأنتم لا تخافونَ جبارَ السماواتِ والأرضِ، حيث تَكْفُرُونَ به، وَتُشْرِكُونَ به غيرَه؟

{وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ} (ما) موصولةٌ، وهي في محلِّ المفعولِ لـ: {أَشْرَكْتُمْ} (?) أي: أشركتُم بِاللَّهِ الشيءَ الذي لم يُنَزِّلْ به سلطانًا. أي: حُجَّةً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015