إنسانًا على فاحشةٍ دَعَا عليه فَهَلَكَ، وأن اللَّهَ نَهَاهُ عن ذلك، وأخبرَه أن مِنْ أَسْمَائِهِ الصبورَ. كُلُّ هذه مقالاتٌ ذَكَرَهَا كثيرٌ من علماءِ السلفِ من أكابرِ الْمُفَسِّرِينَ (?). والظاهرُ أن التحقيقَ خلافُ ذلك كُلِّهِ، وهو ما ذَكَرْنَا، وهو أن ملكوتَ السماواتِ والأرضِ: ما أَوْدَعَ اللَّهُ فيهما من غرائبِ صُنْعِهِ وعجائبِها مِمَّا يدلُّ العقلاءَ على أَنَّ مَنْ صَنَعَهَا هو العظيمُ القادرُ على كُلِّ شيءٍ، وأنه المعبودُ وحدَه، كما قال: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُولِي الألْبَابِ} [آل عمران: آية 190] وأمثالُ ذلك من الآياتِ.

هذا معنَى قولِه: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ} الظاهرُ أن {نُرِي} هنا من (رَأَى) البصريةِ. وقال بعضُ العلماءِ: مِنْ (رَأَى) الْعِلْمِيَّةِ. و {نُرِي} عُدِّيَ، أصلُه مضارعُ (أَرَيْنَا) بهمزةِ التعديةِ؛ وَلِذَا كانت (رَأَى) بَصَرِيَّةً، فَعَدَّتْهَا إلى المفعولين (?).

وقولُه جل وعلا: {وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} فيه الوجهانِ اللَّذَانِ ذَكَرْنَا في قولِه: {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} (?) [الأنعام: آية 55] أحدُهما: وليكونَ من الْمُوقِنِينَ أَرَيْنَاهُ ذلك. والمعنَى: ولأَجْلِ أن يكونَ من الْمُوقِنِينَ أَرَيْنَاهُ ملكوتَ السماواتِ والأرضِ.

وَقَالَ بعضُ العلماءِ: نُرِي إبراهيمَ ملكوتَ السماواتِ والأرضِ ليُحَاجِجَ قومَه، وليكونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ. والمعنَى مُتَقَارِبٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015