شَاذَّةٌ (?): منها مَنْ قَرَأَ: {وَإِذْ قال إبراهيم لأَبِيهِ آزرُ} بضمِّ الراءِ. وعلى هذا فالمعنى: يا آزرُ أَتَتَّخِذُ أصنامًا آلهةً. ومنهم من يقولُ: إن (آزرَ) ليس اسمَ أَبِيهِ، إنما هو اسمُ صنمٍ (?). والذين قالوا: هو اسمُ صنمٍ، قالوا: كَثُرَتْ عبادتُه لذلك الصنمِ، وملازمتُه إياه حتى نُبِزَ به، كما قيلَ في ابنِ قيسِ الرُّقَيَّاتِ (?)؛ لأنه تَشَبَّبَ بنساءٍ متعددات، كُلُّهُنَّ تُسَمَّى (رقيةَ)، فنبزوه بها. وفيه قراءاتٌ شاذةٌ غيرُ هذا، وأقوالٌ أُخَرُ لاَ مُعَوَّلَ عليها.
وَاعْلَمُوا أن قصةَ أَبِي إبراهيمَ هذه ذَكَرَهَا اللَّهُ مِرَارًا كثيرةً في سورٍ متعددةٍ من كتابِه، وَكُلُّهَا صريحٌ في أنه أَبُوهُ لاَ عمَّه، ولم يَرِدْ في كتابِ اللَّهِ ولا في سنةِ رسولِ اللَّهِ حرفٌ واحدٌ يدلُّ على أنه عمُّه، إلا أن أهلَ السِّيَرِ أُولِعُوا بأن قالوا: أَبُوهُ: عمُّه. والذي يَجِبُ علينا جميعًا هو تصديقُ اللَّهِ، وأن لاَ نُحَرِّفَ كلامَ اللَّهِ، ولا نفسرَه بغيرِ معناه إلا بدليلٍ يجبُ الرجوعُ إليه مِنْ كتابٍ أو سُنَّةٍ، فاحترامُ اللَّهِ واجبٌ، واحترامُ كتابِه واجبٌ، وَمَنْ أَوْجَبِ احترامِه: أَنْ لاَ نُحَرِّفَهُ، ولا ننقلَ لَفْظًا (?) منه عن ظاهرِه الْمُتَبَادَرِ منه إلا بدليلٍ يجبُ الرجوعُ إليه، لاَ سيما وَاللَّهُ في آياتٍ كثيرةٍ من كتابِه جَاءَ بالقصةِ بعباراتٍ مختلفةٍ، منها ما هو في الخطابِ، ومنها ما هو في غيرِه، كُلُّهَا صريحةٌ فِي أنه أَبُوهُ لاَ عمَّه.