قرأ هذا الحرفَ نافعٌ وأبو عمرٍو وابنُ كثيرٍ (?) {إِنِّيَ أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} وقرأه الباقون من السبعةِ: {إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} وهما قراءتانِ سبعيتانِ، ولغتانِ فصيحتانِ.

ووجهُ مناسبةِ هذه الآيةِ الكريمةِ لِلَّتِي قَبْلَهَا التي كُنَّا نُفَسِّرُهَا: أن الكفارَ قالوا للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِه: ارْجِعُوا إلى دِينِنَا، فَاعْبُدُوا معنا معبوداتِنا، وأنزلَ اللَّهُ في ذلك: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنْفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا} [الأنعام: آية 71] (?) لَمَّا بَيَّنَ اللَّهُ أنهم دَعَوْهُمْ إلى عبادةِ الأوثانِ، وأنهم لا يمكنُ أن يَرْجِعُوا إِلَى [الكفرِ] (?) بعدَ أن عَلَّمَهُمُ اللَّهُ الدينَ، وَعَلَّمَهُمْ تَوْحِيدَهُ الصحيحَ {وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ} هذا لا يكونُ، بَيَّنَ اللَّهُ في هذه الآيةِ سفاهةَ عقولِ مُشْرِكِي مكةَ، وهم يقولونَ إن إبراهيمَ جَدُّهُمْ، وإنه على دِينٍ صحيحٍ، وَمِلَّةٍ حنيفيةٍ سَمْحَةٍ!! فَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أن يذكرَ لهم قصةَ إبراهيمَ مع أَبِيهِ وقومِه، وتفنيدِه لعبادةِ الأوثانِ، وتحذيرِهم من ذلك؛ لِيَعْلَمُوا أن الذي يَدْعُونَكُمْ إليه أنه كُفْرٌ وَضَلاَلٌ وَسَفَهٌ، وأنه مخالفٌ لِمِلَّةِ إبراهيمَ التي يُقِرُّونَ بأنها حَسَنَةٌ (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015