قال بعضُ العلماءِ (?): (المِفْتَح) أفصحُ من (المِفتاحِ). والذين قالوا: إن (المفاتح) جمعُ (مفتاح)، وأنها قُصِرَتْ، وأن القياسَ (المفاتيح)؛ لأن المفردَ (مفتاح) إلا أنها قُصِرَتْ، كما قالوا في القطرِ: قَوَاطِر، وقالوا في المحرابِ: محارِب، هذا لا يُحْتَاجُ إليه؛ لأن (المفتاحَ) فيه لغةٌ فصيحةٌ هي (المِفْتَح) بلا أَلِفٍ. وعليها فتكونُ (مفاتح) جَمْعًا لـ (المفتاح) قِيَاسِيًّا. وعلى كُلِّ التَّقْدِيرَيْنِ فالمعنَى: إنما خزائنُ الغيبِ ومفاتُحه التي يُفْتَحُ بها ويظهرُ كُلُّ هذا عند اللَّهِ وحدَه، لا يعلمُها إلا هُوَ وحدَه (جل وعلا)، ولا ينافِي ذلك أن اللَّهَ يُعَلِّمُهَا لِمَنْ شَاءَ.

المعنَى أنه ليس عندَ أحدٍ قدرةٌ وَلاَ اكتسابٌ يكتسبُ هذه، ولا مانعَ مِنْ أن يُعَلِّمَ اللَّهُ ما شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ، فقد يَعْلَمُ الملاَئِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بالسحابِ الوقتَ الذي تَنْزِلُ فيه السحابُ؛ لأن اللَّهَ يقولُ لهم: احْمِلُوا هذا المطرَ حتى تُنْزِلُوهُ في وقتِ كَذَا، في موضعِ كَذَا، فهم يَعْلَمُونَ هذا بتعليمِ اللَّهِ قبلَ أن يعلمَه غيرُهم، وكذلك الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بالرحمِ، كما ثَبَتَ في حديثِ ابنِ مسعودٍ الصحيحِ (?): أنه يقولُ: أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى، شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟ فيخبرُه اللَّهُ وهو في بطنِ أُمِّهِ قبلَ أن يعلمَ به الآخَرُونَ. وهكذا.

وهذا معنَى قولِه: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015