بَنِي عَامِرٍ (?): أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَّرَ مفاتحَ الغيبِ المذكورةَ هنا بأنها المذكورةُ في قولِه: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} (?)؛ لأَنَّ هذه الخمسَ أمهاتٌ عظيمةٌ لها أهميتُها من أمهاتِ علمِ الغيبِ، فَفَسَّرَ النبيُّ بها هذه الآيةَ؛ لأن الساعةَ هي أفظعُ أَمْرٍ وَأَهَمُّ أمرٍ يُوجَدُ، لَيْسَ عِلْمُهَا إِلاَّ عند اللَّهِ وحدَه، كما قَالَ: {لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ} [الأعراف: آية 187] {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44)} [النازعات: الآيات 42 - 44] وَلَمَّا سَأَلَهُ جبريلُ في حديثِه المشهورِ عن الساعةِ. قَالَ لَهُ: ما المسؤولُ عنها بأعلمَ من السائلِ. وَبَيَّنَ له شيئًا من أَمَارَاتِهَا (?).
هذه هي مفاتحُ الغيبِ، فالوقتُ الذي تقومُ فيه الساعةُ لا يَعْلَمُهُ إلا اللَّهُ وحدَه (جل وعلا)، لا يعلمُه أحدٌ {لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ} [الأعراف: آية 187] {وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} الوقتُ الذي يَنْزِلُ فيه المطرُ لاَ يعلمُه إلا اللَّهُ وحدَه {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} الذي هو في رَحِمِ أُمِّهِ لا يَعْلَمُ حقيقتَه إلا اللَّهُ، أَذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى؟ قبيحٌ أو جميلٌ؟ شَقِيٌّ أو سَعِيدٌ؟ لا يَدْرِي الإنسانُ ماذا يَكْسِبُ غَدًا. والمرادُ بـ (ما يَكْسِبُ غَدًا): من خيرٍ أو شَرٍّ، ما يكسبُ مِنَ الْحَسَنَاتِ التي تُقَرِّبُهُ لِلَّهِ، وما يَكْسِبُ من السيئاتِ التي تُبْعِدُهُ عن اللَّهِ (جل وعلا)، ويدخلُ في ذلك: مَا يَكْسِبُهُ من مالٍ ونحوِه؛ لأَنَّ اللَّهَ قد يُغْنِيهِ من حيثُ لاَ يشعرُ،