آية 28] فكانوا إذا جاء وقتُ قيامِه يقومونَ لِيُفْسِحُوا له في القيامِ؛ لأنهم يعرفونَ أنهم إن لَمْ يقوموا لا يُمْكِنُهُ أن يقومَ. هذا سببُ نزولِ الآيةِ.
والمعنى: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} [الأنعام: آية 52] يعني: لأَجْلِ أن الكفارَ الفجرةَ يُحِبُّونَ ذلك وَيَرْغَبُونَ فيه، كما قال له: {وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: آية 28].
{وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} يدعونه معناه: يَعْبُدُونَه ويتضرعون إليه. وَذَهَبَتْ جماعةٌ من العلماءِ إلى أن المرادَ بالدعاءِ هنا: الصلاةُ (?)؛ لأنها أعظمُ العباداتِ، وهي فيها دعاءٌ. يقول المصلي فيه: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} [الفاتحة: آية 6] ثم يقول: آمين. ففيها أعظمُ دعاءٍ، وقد ثَبَتَ في حديثِ مسلمٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يَرْوِيهِ عن رَبِّهِ: أن المسلمَ إذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُستَقِيمَ} قال اللَّهُ: «هَذِهِ لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ» (?). كما بَيَّنَّاهُ مِرَارًا.
وعلى هذا فقولُه: {بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} يعني بـ (الغداةِ): صلاةُ الصبحِ، وبـ (العشي): صلاةُ العصرِ.
وقال بعضُ العلماءِ: الآيةُ أَعَمُّ من الصلاةِ. وهو الظاهرُ؛ لأنهم يَدْعُونَ اللَّهَ ويعبدونَه بأنواعِ العباداتِ من صلاةٍ وغيرِها، أولَ النهارِ وَآخِرَهُ.